استدعى منه إتلاف ماله من غير عوض ضمنه له، كما لو قال له: أعتق عبدك فأعتق أو طلق زوجتك فطلق فلا شئ عليه، وإذا قال له: ألق متاعك في البحر وعلى ضمانه، فألقاه فإن عليه ضمانه بلا خلاف، إلا أبا ثور، فإنه قال: لا ضمان عليه لأنه ضمان ما لم يجب.
فأما إذا لم يخافوا الغرق وقال لغيره: ألق متاعك في البحر ففعل، لا يلزمه بلا خلاف، وكذلك إذا قال له: حرق ثيابك وعلى ضمانه، لا يلزمه بلا خلاف، وإنما لزمه في الأول لأن له فيه غرضا من نجاة نفسه وما معه، وإذا قال له: ألق متاعك في البحر على أني وركبان السفينة ضمناء، فألقاه، قال بعضهم: ضمنه دونهم، وقال آخرون: إنما يضمن ما يخصه، فأما أن يكون عليه ضمان جميع المتاع فلا.
والأولى أن يبين أولا الضمان في حق الجماعة، وجملته أنه على ضربين ضمان اشتراك، وضمان اشتراك وانفراد.
الضرب الأول: فضمان الاشتراك مثل أن يكون على رجل ألف فقال:
عشرة أنفس لمن له الألف ضمنا لك الألف التي لك على فلان، فيكون جميعهم ضمناء، وكل واحد منهم ضامن لعشر الألف، فله أن يطالبهم بالألف معا، ويطالب كل واحد بعشر الألف كما لو وكلهم في بيع عبد أو أوصى إليهم في تركته أو باعهم عبدا فقتلوه أجمعون.
الضرب الثاني: ضمان اشتراك وانفراد مثل أن يقول: ضمنا لك وكل واحد منا الألف الذي لك على فلان، فيكون الجميع ضمناء لكله وكل واحد منهم ضامن لكله، فأما إن قال واحد من العشرة: ضمنت لك أنا وأصحابي مالك على فلان، وسكت أصحابه وما كانوا وكلوه بذلك ضمن هو عشر الألف لأنه لم يضمن الكل، وإنما يضمن بالحصة.
فإذا تقرر هذا كان إلقاء المتاع في البحر على هذا، فإن كان الضمان ضمان اشتراك ضمن كل واحد ما يخصه، وإن كان ضمان اشتراك وانفراد ضمن كل