الأخ للأب لأنه يدلي بأم والإدلاء بالأم كالتقدم بدرجة، بدلالة أنه أولى بالميراث، وهو الأقوى الذي يليق بمذهبنا.
فإذا ثبت أنها على العاقلة فلا فصل بين أن يكون القاتل من أهل الديوان أو لم يكن من أهله، فإن الدية عن عصبته لا تتحول، والديوان أن يدون الإمام الدواوين فيجعل كل طائفة فرقة، ويجعل على كل فرقة عريفا يقبض لهم العطاء ويفرقه فيهم، ويكون قتالهم في موضع واحد، وقال بعضهم: الدية على أهل الديوان دون العصبات، والأول مذهبنا.
فإذا ثبت ذلك، فإن كانوا رجالا عقلوا، فأما النساء والصبيان والمجانين فلا عقل عليهم بلا خلاف، وأما الشباب الضعفى والزمنى والشيوخ الذين لا قوة لهم ولا نهضة فيهم، فهم من أهل العقل، لأنهم من أهل النصرة بوجه، لأنه وإن لم يكن فيه نصرة بالسيف ففيهم نصرة بالرأي والمشورة.
قد قلنا إن الدية مؤجلة على العاقلة في ثلاث سنين، فأما ابتداء المدة فعند قوم من حين وجوب الدية حكم الحاكم بابتدائها أو لم يحكم، وقال قوم: ابتداء المدة من حين حكم الحاكم، والذي يقتضيه مذهبنا الأول.
وأما بيان وقت الابتداء فجملته أن الجناية لا تخلو من أحد أمرين: إما أن تكون نفسا أو دون النفس.
فإن كانت نفسا لم تخل من أحد أمرين: إما أن يكون القتل يوجبه أو بالسراية.
فإن كان يوجبه مثل أن رماه بسيف فوسطه أو قطع الحلقوم والمرئ أو رمى سهما إلى طائر، فأصاب إنسانا فقتله في الحال، فالمدة من حين الموت، لأن الابتداء من حين الوجوب، والوجوب بالموت، فكان الابتداء من ذلك الوقت.
وإن كان بالسراية مثل أن جرحه فلم يزل زمنا حتى مات، فابتداء المدة من حين الموت أيضا لا من حين الجرح، لأن الطرف إذا صار نفسا كان تبعا لها، ودخل أرشه في بدلها، فكان الاستقرار بالموت، والوجوب حينئذ، فلهذا كان