وقال آخرون: إنها غير مضمونة، والأول أقوى.
إذا اصطدمت السفينتان فتكسرتا وهلكتا وما فيهما، لم يخل من ثلاثة أحوال: إما أن يكون القائمان بهما مفرطين أو لم يفرطا أو فرط أحدهما دون الآخر.
فإن كانا مفرطين: مثل أن أمكنهما الحبس والإمساك بطرح الأنجر - وهي الحديدة الثقيلة كأنها صليب - أو بالرجال أو أمكن صرفها عن سمت الاصطدام فلم يفعلا، أو كان هناك نقصان رجال أو نقصان آلة فكله تفريط، فإذا اصطدمتا لم يخل ما فيهما من أحد أمرين: إما أن تكون أموالا أو غيرها.
فإن كانت أموالا كالذهب والفضة والعبيد والبهائم والأثاث والمتاع نظرت: فإن كان القائم بهما مالكا كل واحد منهما قائم في ملكه وما فيها ملكه ضمن كل واحد منهما نصف سفينة صاحبه بما فيها، والباقي هدر، كما قلنا في اصطدام الفارسين إذا ماتت الدابتان كل واحد منهما يضمن نصف قيمة دابة صاحبه، وهكذا إذا اصطدم الرجلان ومع كل واحد منهما زجاج فتكسر أو كان معهما بيض فتكسر، وإن كان القيم بهما غير مالكين مثل أن كانا أجيرين أو استأجرا السفينتين أو استؤجرا للعمل فيها، ضمن هاهنا كل واحد منهما نصف السفينتين، لأن التلف منهما والملك للغير، هذا إذا كان فيهما أموال.
فأما إن كان فيهما أحرار، فلا فصل في هذا بين أن يكون القيم بهما مالكين أو أجيرين الباب واحد، ينظر فيه، فإن كانا عامدين وقيل: إن هذا يتلف غالبا فعليهما القود لأنهما قد اشتركا في قتل من كان في السفينتين عمدا، فيقرع بينهما فمن خرجت قرعته قتل به، ويكون دية الباقين في تركتهما حالة مغلظة لأنهما عن عمد محض، وعندنا إذا قتل سقط حق الباقين على ما مضى، وإن قيل: قد يقتل هذا وقد لا يكون منه التلف فهو شبه العمد، فتجب الدية على عاقلتهما مغلظة مؤجلة على عاقلة كل واحد منهما نصف ديات القتلى، وعندنا في أموالهما، وأما الكفارة في أموالهما على كل واحد منهما بعدد القتلى كفارات، هذا إذا كان القيم