وإذا ثبت أن الثاني قاتل نظرت في القتل، فإن كان عمدا محضا مثل إن وقع عمدا فقتله وكان مما يقتل غالبا لثقل الثاني وعمق البئر فعلى الثاني القود، وإن كان لا يقتل غالبا فالقتل عمد الخطأ تجب به الدية مغلظة مؤجلة عندنا عليه، وعندهم على العاقلة، وإن كان وقع الثاني خطأ أو اضطر إلى الوقوع فيها فالقتل خطأ وتجب الدية مخففة على العاقلة، وأما إن مات الثاني دون الأول كان دمه هدرا لأنه رجل وقع في بئر فمات فيها، والأول لا صنع له في وقوعه، وغير مفرط في حقه، وإن ماتا معا فعلى الثاني الضمان على ما قلناه إذا مات الأول وحده، ودم الثاني هدر كما لو مات الثاني وحده.
فإن كانت بحالها وكانوا ثلاثة فحصل الأول في البئر ثم وقع الثاني ثم وقع الثالث بعضهم على بعض، فإن مات الأول فقد قتله الثاني والثالث معا لأنه مات بثقلهما فالضمان عليهما نصفين، وإن مات الثاني وحده فلا شئ على الأول، والثالث هو الذي قتل الثاني، فالضمان عليه وحده على ما مضى، وإن مات الثالث كان دمه هدرا لأنه لا صنع لغيره في قتله، فإن ماتوا جميعا ففي الأول كمال الدية على الثاني والثالث، وفي الثاني كمال الدية على الثالث وحده ودم الثالث هدر.
فإذا ثبت هذا عدنا إلى مسألة الزبية، فإذا كانوا على رأس بئر فهوى واحد فيها فجذب إليه ثانيا فوقعا معا نظرت: فإن مات الأول كان دمه هدرا، لأنه هو الذي طرح الثاني على نفسه، فهو كما لو طرح على نفسه حجرا أو قتلها بسكين وإن مات الثاني فالضمان على الأول لأنه هو الذي قتله بجذبه وطرحه فهو كما لو كان واقفا عند البئر فرمى به فيها فمات، إذ لا فرق بين أن يرمي به فيها من فوق وبين أن يجذبه من أسفل يرميه فيها، وإن ماتا معا فدم الأول هدر ودم الثاني مضمون على ما فصلناه.
فإن كانت بحالها فجذب الأول ثانيا، والثاني ثالثا فوقع بعضهم على بعض وماتوا، فقد مات الأول بفعله وفعل الثاني، أما فعله فإنه طرح الثاني على نفسه، وأما فعل الثاني فإنه جذب الثالث فوقع هو والثالث عليه، فيكون الثاني والأول