مسألة 20: إذا طرحه في النار على وجه لا يمكنه الخروج منها فمات، كان عليه القود بلا خلاف، فإن طرحه بحيث يمكنه الخروج فلم يخرج حتى مات إما أن يكون بالقرب من موضع ليس فيه نار بأن يكون على طرف لو تحرك لخرج منها، أو يقول: أنا أقدر على الخروج لكني لا أخرج، فأقام حتى مات، لم يكن عليه قود بلا خلاف، وهل فيه الدية؟ للشافعي فيه قولان: أحدهما فيه الدية لأنه الجاني بإلقائه، والثاني لا دية لأنه أعان على نفسه، وإنما عليه ضمان ما جنته النار بإلقائه فيها، وهذا هو الصحيح، فذهب إليه.
الدليل على ذلك: أن الأصل براءة الذمة فلا يعلق عليها إلا ما يقوم عليه دليل، ولا دليل على وجوب الدية في ذلك.
مسألة 21: إذا ألقاه في لجة البحر فهلك كان عليه القود سواء كان يحسن السباحة أو لم يكن يحسنها بلا خلاف بيننا وبين الشافعي.
وإن ألقاه بقرب الساحل وكان مكتوفا سواء يحسن السباحة أو لم يحسنها مثل ذلك، وإن كان يحسن السباحة وكان مخلى وعلم من حاله أنه أمكنه الخروج فلم يفعل ذلك حتى هلك فلا قود عليه، وفي الدية طريقان، وفي أصحابه من قال على قولين مثل مسألة النار، ومنهم من قال: لا ضمان هاهنا قولا واحدا، وهو الصحيح.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 22: إذا ألقاه في لجة البحر فقبل وصوله إلى الماء ابتلعته سمكة، للشافعي في وجوب القود عليه قولان: أحدهما عليه القود لأنه أهلكه بنفس الإلقاء، وهو الصحيح الذي نذهب إليه، والثاني أنه لا قود عليه لأن الهلاك حصل بغيره، كما لو رماه من شاهق فاستقبله آخر بسيف فقده بنصفين فإن القود على القاتل بالسيف دون الرامي.