الكلام في حكمه، وقال قوم: عمده عمد، وقال آخرون: عمده في حكم الخطأ، وهو مذهبنا لقوله عليه السلام: رفع القلم عن ثلاثة، عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى ينتبه، وعلى القولين معا لا قود عليه، وأما الدية فمن قال: عمده عمد، فالدية مغلظة حالة في ماله، ومن قال: خطأ، على ما قلناه فالدية مخففة مؤجلة على عاقلته.
فإذا شارك العامد صبيا في قتل العمد، فمن قال: عمده عمد، فعلى الشريك القود، ومن قال: خطأ، قال: لا قود على شريكه، لأنه شارك من لا قود عليه في فعله، والأول شارك من لا قود عليه لا لمعنى في فعله، وعلى ما قلناه على العامد القود وإن قلنا أن عمد الصبي خطأ، لكن يجب القود بشرط أن يرد على أوليائه فاضل الدية كما قلناه في البالغين.
فإذا ثبت هذا فإن كان فعل شريكه غير مضمون، مثل أن شارك سبعا في قتل إنسان، أو شارك رجلا في قتل نفسه مثل أن جرحه وجرح نفسه، أو جرحه مرتدا ثم أسلم فجرحه آخر في حال إسلامه، فإنه لا ضمان على أحدهما بحال.
وهل على شريكه القود؟ قال قوم: لا قود عليه لأنه أحسن حالا من شريك الآخر الخاطئ، فإن الخاطئ يضمن بوجه، والسبع لا ضمان في فعله بوجه، وقال آخرون: عليه القود، وهو مذهبنا، لأنهما عامدان لا قود على أحدهما لا لمعنى في فعله، فهو كشريك الأب في قتل ولده، وهذا أصل في كل نفسين قتلا رجلا.
فعلى ما فصلناه، إذا قتل الرجل عمدا وله وليان ابنان أو أخوان أو عمان الباب واحد، ونفرض في الابنين - لأنه أوضح - قتل أبوهما عمدا فهما بالخيار بين القتل والعفو، فإن عفوا على مال ثبت لهما الدية على القاتل، وإن عفوا على غير مال سقط القود على غير مال، وإن عفوا مطلقا قال قوم: ثبت المال، وقال آخرون: لا يثبت، وهو مذهبنا.
وإن عفا أحدهما سقط القود عندهم، وعندنا لا يسقط القود إذا رد بمقدار ما عفا الآخر، وإن اختارا القود كان ذلك لهما، غير أنه لا يمكنهما استيفاؤه معا، فإما