نصيب الآخر لأن القصاص لا يتبعض، ويقتضي مذهبنا أن نقول: إن له القصاص بشرط أن يرد نصيب ولدها منه، فأما الدية يجب عليه لهما، لولده منها النصف وللآخر النصف، فإن كانت بحالها لكن قذفها وجب لها الحد، فإن لم يستوف حتى ماتت لم يرث ولده عليه الحد وكان للآخر أن يحده كاملا بلا خلاف.
وفصلوا بين القصاص والحد، بأن القصاص لا يتبعض والحد يرثه الكل، وكل واحد منهم، فلو كانوا عشرة فعفا تسعة كان للعاشر أن يحد، وليس كذلك القصاص، لأنهم إذا كانوا عشرة فعفا واحد سقط القود، وقد قلنا أن عندنا لا فرق بينهما، وأنه لا يسقط القصاص غير أنه يحتاج في القصاص أن يرد حق الغير، وليس كذلك الحد فإنه لا يسقط منه شئ وله الاستيفاء على الكمال.
رجل له زوجة له منها ولدان أحدهما قتل أباه ثم قتل الآخر أمه، فإن القصاص على الثاني وهو قاتل الأم دون قاتل الأب، فيكون القود على الثاني لكن فرضوا إذا كان الأول قتل أباه، وإنما قيل القصاص على الثاني لأن الأول لما قتل أباه لم يرث منه شيئا لأنه قاتل، وورثه زوجته وولده، فورث ولده سبعة أثمان ماله وسبعة أثمان القصاص على أخيه، وورثت الزوجة ثمن المال وثمن القصاص على ولدها، فلما قتل الآخر أمه لم يرث منها شيئا وورث قاتل الأب ما خلفت وهو ثمن تركتها وثمن ما ورثته من زوجها من المال، وثمن ما ورثته من القصاص عليه، فلما ملك بعض قصاص نفسه سقط عنه القصاص وكان له قتل أخيه بأمه، فلقاتل الأم على قاتل الأب سبعة أثمان دية أبيه، ولقاتل الأب على قاتل الأم القود، فإن قتله فلا كلام، وإن عفا عنه ثبت له عليه دية أمه وله عليه سبعة أثمان دية أبيه.
وهذه المسألة لا تصح على أصلنا، لأن عندنا أن المرأة لا ترث من القصاص شيئا بحال وإنما ترث من الدية، فإذا ثبت ذلك فلقاتل الأب القود على قاتل الأم، ولقاتل الأم على قاتل الأب القود، لأنه المختص بوراثة قصاصه وحده.
فأما إذا كانوا أربعة إخوة، فقتل الثاني الكبير، ثم قتل الثالث الصغير، فعلى الثالث القود دون الثاني، لأن الثاني لما قتل الكبير لم يرث منه شيئا وورثه الثالث