أما المثقل فمعروف، فمتى قتله به فعليه القود، وأما الخنق فإن خنقه بيده أو بيديه أو لف على حلقه حبلا أو منديلا ولم يزل يوالي حتى مات فعليه القود، وهكذا إن جعل على نفسه شيئا منع خروج نفسه مثل مخدة أو ثوب أو سده بيده مدة يموت في مثلها، فمات، فعليه القود، وإن مات في مدة لا يموت في مثلها غالبا فهو عمد الخطأ فيه الدية مغلظة على العاقلة، هذا إذا لم يرسله حتى مات.
فأما إن خنقه مدة يموت في مثلها غالبا فلم يمت فأرسله، ثم مات نظرت، فإن كان منقطع النفس ولم يتردد نفسه فعليه القود، لأنه أرسله وهو في حكم المذبوح، وإن تردد نفسه ولم يزل زمنا ضمن أمنه حتى مات، فعليه أيضا القود، لأن الظاهر أنه مات من ذلك الخنق، فإن برئ وزال الألم بعد ذلك فلا ضمان عليه، لأنه مات من غير الخنق، مثل الجراحة إذا اندملت ثم مات.
فأما إن خنقه بحبل جعل له خراطة فأدخلها في حلقه ثم جعله على كرسي أو شئ عال وشد الحبل من فوقه بشئ ثم رفع ذلك الكرسي من تحته فتعلق بنفسه فعليه القود وإن مات من ساعته، لأنه لا قتل بالخنق أعجل ولا أوخى منه.
وإذا ضربه بسوط أو عصا ضعيفة، فإن والى عليه العدد الذي يموت منه غالبا فعليه القود، وهذا يختلف باختلاف الإنسان، فإن كان نضو الخلقة ضعيف الجسم مات غالبا من العدد القليل، وإن كان قوي الخلقة والجسم، لم يمت غالبا إلا من العدد الكثير، فإن كان عددا لا يموت منه غالبا لكنه مات لشدة حر أو برد لأن مثل هذا العدد يقتل في هذا الزمان، فعليه القود، وإن كان الزمان معتدلا فلا قود، لأن هذا العدد لا يقتل في هذا الزمان غالبا.
وجملته أن هذا يختلف باختلاف حال الإنسان في نفسه، وباختلاف الزمان، فإن كان مثله يموت من هذا العدد في هذا الزمان، فعليه القود، وإن كان مثله لا يموت من هذا العدد في هذا الزمان فلا قود، لكنه عمد الخطأ ففيه الدية مغلظة في ماله عندنا خاصة.
وإذا أخذ حرا فحبسه فمات في حبسه، فإن كان يراعيه بالطعام والشراب