القتل غالبا مثل أن حرقة أو غرقه أو غمه حتى تلف أو هدم عليه بيتا أو طينه عليه بغير طعام حتى مات أو والى عليه بالخنق فقتله، ففي كل هذا القود، فإن ضربه بعصا خفيفة فقتله نظرت: فإن كان نضو الخلقة ضعيف القوة والبطش يموت مثله منها فهو عمد محض، وإن كان قوي الخلقة والبطش لم يكن عمدا محضا، وبه قال مالك وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد والشافعي.
وذهبت طائفة إلى أنه متى قتله بالمثقل - أي مثقل كان - فلا قود، وكذلك لجميع ما ذكرناه ذهب إليه الشعبي والنخعي والحسن البصري وأبو حنيفة، وفصل أبو حنيفة فقال: لا قود إلا إذا قتله بمحدد أو بالنار أو بمثقل حديد كالعمود ونحوه ففيه القود.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا قوله تعالى: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا، وهذا قتل مظلوما، وأيضا ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله من حديث أبي شريح الكعبي، وقد قدمناه في من قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين، إن أحبوا أخذوا الدية وإن أحبوا قتلوا، ولم يفصل.
وروى سعيد عن هشام عن زيد عن جده أنس، أن جارية كان لها أوضاح فوضح رأسها يهودي بحجر، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وبها رمق فقال لها: من قتلك؟ فلان قتلك؟ إلى أن قالت: نعم، برأسها، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وآله فقتل بين حجرين، فدل على وجوب القود بالمثقل.
مسألة 19: إذا أخذ صغيرا فحبسه ظلما فوقع عليه حائط أو قتله سبع أو لسعته حية أو عقرب فمات كان عليه ضمانه، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: لا ضمان عليه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا طريقة الاحتياط تقتضيه، وأما إذا مات حتف أنفه فلا ضمان عليه بلا خلاف.