وقد ذكرنا أن من شرط صحة السلم أن يكون المسلم فيه موصوفا فيما يجب وصفه حتى يصير معلوما.
فإن كان مكيلا وقدراه بمكيال وجب أن يكون معلوما عند العامة، ولا يجوز أن يقدراه بإناء بعينه، وإن قدراه بوزن وجب أن يكون صنجة معروفة عند العامة فإن قد رآه بصخرة لم يجز لأن ذلك مجهول في حال العقد، وإن عينا مكيال رجل بعينه وهو مكيال معروف أو عينا صنجة رجل بعينه وهو صنجة معروفة جاز السلم فيه، ولا يعين ذلك المكيال ولا تلك الصنجة لكن يتعلق بجنس مثل ذلك المكيال أو مثل تلك الصنجة لأن الغرض في قدره لا في عينه.
وإذا أسلم في ثوب على صفة خرقة أحضراها لم يجز لجواز أن تهلك الخرقة فيصير ذلك مجهولا.
وأما الأجل فإنه يجب أن يكون معلوما والمعلوم أن يسلف إلى شهر من شهور الأهلة فيقول: إلى رجب أو إلى شعبان أو غير ذلك من شهور الهلال، لقوله تعالى: " قل هي مواقيت للناس والحج " وإن قال: إلى جمادى، حمل على أولها، وإن قال: إلى شهر ربيع، حمل على أولها.
وإذا أسلم أهل مكة إلى النفر جاز لأنه معلوم وينبغي أن يقول: إنه يحمل على النفر الأول، وإن أسلمه إلى شهر من شهور الفرس مثل مهر ماه أو آبان ماه أو شهريور ماه أو إلى شهر من شهور الروم مثل شباط وآذار أو نيسان كان جائزا إذا أسند ذلك إلى سنة هجرية لأن ذلك معلوم في بلاد العراق وغيرها من البلدان، وإن قال: إلى خمسة أشهر، جاز أيضا وحمل على الأشهر الهلالية لأن الله تعالى علق بها مواقيت الناس.
وإذا ثبت ذلك نظر: فإن لم يكن مضى من الهلال شئ عد خمسة أشهر، و إن كان قد مضى من الهلال شئ حسب ما بقي ثم عد ما بعده بالأهلة سواء كانت ناقصة أو تامة ثم أتم الشهر الأخير بالعدد ثلاثين يوما لأنه فات الهلال، وإن قلنا:
إنه يعد مثل ما فات من الشهر الأول الهلالي، كان قويا، وإن جعل الأجل إلى