دليلنا: إن كون ذلك شرطا يحتاج إلى دليل، وأيضا قوله عليه السلام:
اليمين على المدعى عليه والبينة على المدعي، ولم يذكر الزمان ولا المكان، وما ذكرناه من الأدلة محمول على الاستحباب.
مسألة 34: الحالف إذا حلف على فعل نفسه حلف على القطع والبتات نفيا كان أو إثباتا وإن كان على فعل غيره فإن كانت على الإثبات كانت على القطع، وإن كانت على النفي كانت على نفي العلم، وبه قال الشافعي، وقال الشعبي والنخعي: كلها على العلم، وقال ابن أبي ليلى: كلها على البت.
دليلنا: أن النبي صلى الله عليه وآله حلف رجلا فقال: قل والله ما له عليك حق، فلما كان على فعل نفسه استحلفه على البت، ولأنها إذا كانت على فعل نفسه أحاط علمه بما يحلف عليه فكلف ما يقدر عليه، وهكذا إذا كانت على الإثبات على فعل الغير لأنه لا يثبت شيئا حتى يقطع به، فإذا كانت على النفي لفعل الغير لم يحط علمه بأن الغير لم يفعل ما فعل كذا لأنه قد يفعله ولا يعلم.
مسألة 35: إذا شهد عنده شاهدان ظاهرهما العدالة فحكم بشهادتهما ثم تبين أنهما كانا فاسقين قبل الحكم نقض حكمه، وللشافعي فيه قولان: قال أبو العباس والمزني: أحدهما ينقضه كما قلناه، والآخر لا ينقضه، وبه قال أبو حنيفة، وقال أبو إسحاق: ينقضه قولا واحدا، كما قلناه.
دليلنا: قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة، فأمر بالتثبت والتبين فإذا علمه فاسقا وجب رد شهادته ونقض ما حكم به.
وأيضا فإن الشرع إنما قرر الحكم بشهادة من ظاهره العدالة فإذا علم أنه حكم بمن ظاهره الفسق فقد حكم بغير الشرع فوجب نقضه، وأيضا رد شهادة الفاسق مجمع عليه منصوص فيجب أن ينقض حكمه بذلك.