والثالث: ما رواه ربيعة عن سعيد بن المسيب عن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال في قوله " إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ": توبته إكذابه نفسه، فإذا تاب قبلت شهادته.
مسألة 12: من شرط التوبة من القذف أن يكذب نفسه حتى يصح قبول شهادته فيما بعد بلا خلاف بيننا وبين أصحاب الشافعي إلا أنهم اختلفوا فقال أبو إسحاق - وهو الصحيح عندهم -: أن يقول القذف باطل ولا أعود إلى ما قلت، وقال الإصطخري: التوبة إكذابه نفسه هكذا قال الشافعي، وحقيقة ذلك أن يقول: كذبت فيما قلت، قال أبو حامد: وليس بشئ، وهذا هو الذي يقتضيه مذهبنا لأنه لا خلاف بين الفرقة أن من شرط ذلك أن يكذب نفسه، وحقيقة الإكذاب أن يقول: كذبت فيما قلت، كيف وهم رووا أيضا أنه يحتاج إلى أن يكذب نفسه في الملأ الذين قذف بينهم وفي موضعه، فثبت ما قلناه.
والذي قاله المروزي قوي لأنه إذا أكذب نفسه ربما كان صادقا في الأول فيما بينه وبين الله فيكون هذا الإكذاب كذبا وذلك قبيح.
مسألة 13: إذا أكذب نفسه وتاب لا تقبل شهادته حتى يظهر منه العمل الصالح، وهو أحد قولي الشافعي إلا أنه اعتبر ذلك سنة، ونحن لم نعتبره لأنه لا دليل عليه، والقول الآخر أنه يكفي مجرد الإكذاب.
دليلنا: قوله تعالى: إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا، فاعتبر التوبة وصلاح العمل.
مسألة 14: من كان في يده شئ يتصرف فيه بلا دافع ولا منازع بسائر أنواع التصرف جاز أن يشهدا له بالملك طالت المدة أم قصرت، وبه قال أبو حنيفة.