حد القذف، ولا يحكم على المدعي عليه بحد الزنى، لأن ذلك حق لله محض، وحقوق الله المحضة لا تسمع فيها الدعوى، ولا يحكم فيها بالنكول ورد اليمين.
وأما حق الله المتعلق بالمال فهو القطع في السرقة فينظر: فإن كان قد وهب المسروق منه إذا كان قد أتلفه وأبرأه من قيمته فلا تسمع الدعوى فيه ولا يستحلف عليه لأنه لم يبق لآدمي حق، وإنما بقي القطع وهو حق لله تعالى محض، فلا تسمع الدعوى فيه ولا يستحلف عليه، وإن لم يكن أبرأه من الغرم ولا وهب منه سمعت دعواه، لأجل حقه ويستحلف الخصم عليه، فإن حلف سقطت الدعوى، وإن نكل ردت اليمين على المدعي، فيحلف ويحكم بالغرم ولا يحكم بالقطع لأنه حق لله محض.
فصل: في من تقبل شهادته ومن لا تقبل:
لا يجوز للحاكم أن يقبل إلا شهادة العدول، فأما من ليس بعدل فلا تقبل شهادته لقوله تعالى: " وأشهدوا ذوي عدل منكم ".
والعدالة في اللغة أن يكون الإنسان متعادل الأحوال متساويا وأما في الشريعة هو من كان عدلا في دينه عدلا في مروءته عدلا في أحكامه.
فالعدل في الدين أن يكون مسلما ولا يعرف منه شئ من أسباب الفسق، وفي المروءة أن يكون مجتنبا للأمور التي تسقط المروءة مثل الأكل في الطرقات ومد الرجل بين الناس، ولبس الثياب المصبغة وثياب النساء وما أشبه ذلك، والعدل في الأحكام أن يكون بالغا عاقلا عندنا، وعندهم أن يكون حرا، فأما الصبي والمجنون فأحكامهم ناقصة فليسوا بعدول بلا خلاف، والعبد كذلك عندهم، وعندنا رقه لا يؤثر في عدالته.
فإذا ثبت هذا فمن كان عدلا في جميع ذلك قبلت شهادته، ومن لم يكن عدلا لم يقبل ذلك، فإن ارتكب شيئا من الكبائر، - وهي الشرك والقتل والزنى واللواط والغصب والسرقة وشرب الخمر والقذف وما أشبه ذلك -، فإذا فعل واحدة من هذه