هذا، وإنما قلنا ذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله أمر بالتوبة.
فصل: في التحفظ في الشهادة:
لا يجوز للشاهد أن يشهد حتى يكون عالما بما يشهد به حين التحمل وحين الأداء لقوله تعالى: " ولا تقف ما ليس لك به علم " وقال تعالى " إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ".
وروى ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الشهادة فقال:
هل ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع.
فإذا ثبت هذا فالكلام فيما يصير به عالما فيشهد، يقع العلم له من وجوه ثلاثة سماعا أو مشاهدة أو بهما، فإذا ثبت ذلك فالكلام في فصل فصل.
أما ما يقع له به مشاهدة، فالأفعال كالغصب والسرقة والقتل والقطع والرضاع والولادة واللواط والزنى وشرب الخمر، فله أن يشهد إذا علم بالمشاهدة ولا يصير عالما بذلك بغير مشاهدة.
فأما ما يقع العلم به سماعا فثلاثة أشياء: النسب والموت والملك المطلق.
الأول: أما النسب فإذا استفاض في الناس أن هذا فلان بن فلان صار متحملا للشهادة له بالنسب لأن الولد يلحق بأبيه استدلالا فصح أن يحتمل الشهادة به استدلالا، ولأنه لا يمكنه التوصل إلى معرفته قطعا فصار عالما متحملا للشهادة بالاستفاضة.
فإذا ثبت هذا فمتى استفاض في الناس ذلك صار متحملا للشهادة بالنسب، وأقل ما يتحمل به الشهادة أن يسمع عدلين فصاعدا يقولون ذلك، فإذا شهدا بذلك فهو شهادة ابتداء، ولا يشهد به من حيث الشهادة على الشهادة، لأنه لا يقول:
أشهدني فلان وفلان بكذا وكذا، فأما إن سمع الرجل يقول: هذا ابني، والابن ساكت أو قال رجل: هذا أبي، والأب ساكت، صار متحملا لأن سكوته في العادة سكوت رضا بذلك معترف به.