الكفالة بالنفس قال قوم: هي صحيحة، وقال آخرون: هي غير صحيحة، والأول مذهبنا.
فصل: في تعارض البينتين:
جملته أن التعارض إنما يكون بأن يشهد كل واحد منهما بضد ما تشهد به الأخرى، لا يرجع إحديهما على الأخرى، من ذلك إذا شهد شاهدان أن هذه الدار لزيد، وشهد آخران أن هذه لعمرو تعارضتا لأن الدار لا يجوز أن تكون كلها ملكا لكل واحد منهما، ومنه إذا شهد شاهدان أنه باع هذا العبد من زيد بألف عند الزوال، وشهد آخران أنه باعه من عمرو بألف في ذلك الوقت، فهما متعارضتان، لأن عقد البيع مع كل واحد منهما في زمان واحد محال.
فإذا تعارضتا فمذهبنا أنه يستعمل فيه القرعة، فمن خرج اسمه حكم له به، وقال قوم: يسقطان معا، وفيهم من قال: يقرع، على ما قلناه، وقال قوم: يوقف أبدا، وقالت فرقة رابعة: يقسم بينهما.
إذا قال: أكريتني هذه الدار شهر رمضان بمائة، وقال المكري: بل أكريتك هذا البيت منها هذا الشهر بمائة، فالمسألة اختلاف المتكاريين في قدر المكري، وهي مصورة في دار بعينها، لأنه إن أبهم الدار لم تصح الدعوى فإذا ثبت أنه اختلاف المتكاريين فاختلافهما كاختلاف المتبايعين، واختلاف المتبايعين يقع من وجوه:
يختلفان في قدر الثمن دون المبيع، يقول: بعتني هذا العبد بألف، فيقول: بل بألفين، ويختلفان في قدر المبيع دون الثمن، فيقول: بعتني هذين العبدين بألف، فيقول: بل هذا العبد وحده بألف، ويختلفان في جنس الثمن فيقول: بألف درهم، ويقول: بل بألف دينار، ويختلفان في الأجل وفي مدة الخيار.
وكله، اختلاف المتبايعين واختلاف المتكاريين يقع بأربعة أوجه:
في قدر المكري فيقول: أكريتني الدار شهر رمضان بمائة، فيقول: بل هذا البيت منها بمائة، ويختلفان في قدر الكري فيقول: أكريتها بمائة، فيقول: