وإن كان مجوسيا حلف " والله الذي خلقني ورزقني " لئلا يتناول بالله وحده النور فإنه يعتقد النور إلها، فإذا قال: خلقني ورزقني، زال الإبهام والاحتمال، وأما المكان فقال قوم: لا يغلظ عليه، لأنه لا يعظم بيت النار وإنما يعظم النار دون بيتها، ونقول: فإن كانوا يعظمون بيت النار فهو كالكنيسة يغلظ عليهم بها.
وإن كان وثنيا معطلا أو كان ملحدا يجحد الوحدانية لم يغلظ عليه باللفظ واقتصر على قوله " والله " فإن قيل: كيف حلفته بالله وليست عنده يمينا؟ قلنا ليزداد إثما ويستوجب العقوبة.
فصل آخر الحالف لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يحلف على فعل نفسه أو فعل غيره، فإن حلف على فعل نفسه كانت على البت والقطع نفيا كانت أو إثباتا، وإن كانت على فعل غيره نظرت: فإن كانت على الإثبات كانت على القطع وإن كانت على النفي كانت على العلم، وإن اختصرت ذلك قلت: الأيمان كلها على القطع إلا ما كانت على النفي على فعل الغير فإنها على العلم.
بيان ذلك: أما التي على الإثبات على فعل نفسه، فيمين الرد واليمين مع الشاهد والتي على النفي على فعل نفسه فيمين المدعى عليه فيما يتعلق به، مثل أن يدعي عليه دينا فيحلف على القطع أو يدعي عليه أنك أبرأتني عن الحق الذي لك قبلي، فأنكر فإنه يحلف على البت، وإن كان على النفي لأنها على فعل نفسه.
وأما الإثبات على فعل الغير، مثل أن يدعي أن لأبيه على فلان ألفا فإنه يحلف على النفي على القطع وأما على النفي على فعل الغير مثل أن يدعي أن له على أبيه ألفا فأنكر فيحلف على العلم - لا أعلم أن لك على أبي ذلك - أو يدعي أن أباه أتلف عليه كذا وكذا يحلف أنه لا يعلم ذلك، هذا عندنا وعند الأكثر.
وقال بعض من تقدم: اليمين كلها على العلم، وقال بعضهم: كلها على البت، فإذا ثبت هذا نظرت: فإن استحلفه الحاكم على القطع فيما يجب عليه أن