حصل من كل واحد منهما إقرار لصاحبه بالدين، صارا شاهدين، ولا يلتفت إلى تلك المواعدة، والحكم في الإقرار والعقود والإتلاف واحد بلا خلاف لأن الشاهد بالحق من علم به، فمتى علمه صار شاهدا به.
وأما شهادة المختبئ فمقبولة عند قوم، وهو إذا كان على رجل دين يعترف به سرا ويجحده جهرا فاحتال صاحب الدين فخبأ له شاهدين يريانه وهو لا يراهما ثم جاراه فاعترف به وسمعا وشهدا به صحت الشهادة، وهو مذهبنا، وخالف فيه شريح فقط.
إذا مات رجل وخلف تركة وابنين فادعى أجنبي دينا على الميت، فإن اعترف الابنان به استوفي من حقهما معا، وإن اعترف أحدهما دون أخيه فإن كان المعترف عدلا فهو شاهد للمدعي، وإن كان مع المدعي شاهد آخر شهدا له بالحق وحكم له به واستوفى الدين من حقهما، وإن لم يكن معه شاهد آخر، نظرت: فإن حلف مع شاهده ثبت الدين، وإن لم يحلف أو لم يكن المعترف عدلا كان له نصف الدين في حصة المقر عندنا وعند جماعة، وقال قوم: يأخذ جميع الدين من نصيب المقر.
فإن خلف ابنين وتركة فادعى أجنبي أن أباهما أوصى له بثلث ماله، فاعترف أحدهما وأنكر الآخر، فإن كان المقر عدلا وكان مع المدعي شاهد آخر، شهدا معا بما ادعاه، وكان له ثلث التركة، وإن لم يكن معه شاهد سواه، فإن حلف مع شاهده ثبت له ثلث التركة أيضا، وإن لم يحلف أو لم يكن المقر عدلا ثبت له نصف الثلث في حصة المقر عندنا وعند الأكثر، ووافق في الوصية من خالف في الدين.
فصل: في الشهادة على الشهادة:
الشهادة على الشهادة جائزة لقوله تعالى " واستشهدوا شهيدين من رجالكم " ولم يفصل، فإذا ثبت جوازها لم يخل الحق من أحد أمرين: إما أن يكون لله أو للآدميين.