مسألة 27: إذا مات إنسان وخلف دينا له على غيره، وعليه دين ولهم شاهد واحد وامتنعوا من أن يحلفوا مع الشاهد لم يجز للغريم أن يحلف، وللشافعي فيه قولان: الأول - وهو الأصح - مثل ما قلناه، والثاني أن له أن يحلف لأنه إذا ثبت صار إليه كان له أن يحلف كالوارث.
دليلنا: هو أنه لو ثبت هذا الحق كان بثبوته للميت يرثه ورثته عند بدليل أنه لو كانت التركة عبدا وأهل شوال كانت فطرته على ورثته وكان لهم أن يقضوا الدين من عين التركة ومن غيرها، وإنما يتعلق حق الغرماء بالتركة كما يتعلق حتى المرتهن بالرهن فإذا كان ثبوته لغيرهم لم يجز أن يحلف يمينا يثبت بها حقا للغير فإن الإنسان لا يثبت بيمينه مالا لغيره، وأيضا قوله تعالى: وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون، وقوله: ولا تقف ما ليس لك به علم، وهذا غير عالم.
مسألة 28: إذا مات وخلف تركة وعليه دين فإن كان الدين يحيط بالتركة لم تنتقل التركة إلى وارثه، وكانت مبقاة على حكم ملك الميت فإن قضي الدين من غيرها ملكها الوارث الآن، وإن كان الدين محيطا ببعض التركة لم ينتقل قدر ما أحاط الدين به منها إلى ورثته وانتقل إليهم ما عداه، وبه قال الإصطخري من أصحاب الشافعي.
وقال أبو حنيفة: إن كان الدين محيطا بالتركة لم ينتقل إلى الورثة كما قلناه، وإن لم يكن محيطا بها انتقلت كلها إلى الورثة.
وقال الشافعي وأصحابه إلا الإصطخري: أن التركة تنتقل كلها إلى الورثة سواء كانت وفق الدين أو أكثر، والدين باق في ذمة الميت، وتعلق حق الغرماء بها كالرهن، ولهم أن يقضوا الدين من عين التركة ومن غيرها.
دليلنا: قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم، إلى قوله: من بعد وصية يوصى بها أو دين، فأخبر أن ذلك بعد الدين، وكذلك في قوله: يوصيكم الله في أولادكم... الآية، ولأن التركة لو انتقلت إلى الوارث لوجب إذا كان في