فأما قسمة التراضي وهي التي فيما رد أو لا رد فيها، مثل أن تراضيا أن يكون السفل لأحدهما والعلو للآخر، فهل يلزم بالقرعة أم لا؟ قال بعضهم: يلزم كقسمة الإجبار، وقال آخرون: لا يلزم بالقرعة، لأن القرعة هاهنا ليعرف البائع الذي يأخذ الرد، والمشتري الذي يدفع الرد، لأنا نجهل هذا قبل القرعة، فإذا تميز هذا بالقرعة حينئذ اعتبرنا التراضي بعد القرعة على البيع والشراء، هذا هو الأقوى، وإن نصبا حكما فالحكم على ما مضى، وإن كان بأنفسهما فالحكم على ما مضى.
فصل: فيما على القاضي في الخصوم والشهود:
على الحاكم أن يسوي بين الخصمين في الدخول عليه، والجلوس بين يديه، والنظر إليهما، والإنصات إليهما والاستماع منهما والعدل في الحكم بينهما.
روت أم سلمة أن النبي عليه وآله السلام قال: من ابتلي بالقضاء بين الناس فليعدل بينهم في لحظه وإشارته ومقعده فلا يرفعن صوته على أحدهما بما لا يرفع على الآخر.
وكتب بعض الصحابة إلى قاضيه كتابا طويلا فقال فيه: واس بين الناس في وجهك ومجلسك، وعدلك، حتى لا ييأس ضعيف من عدلك ولا يطمع شريف في خيفك.
وإنما عليه أن يسوي بينهما في الأفعال الظاهرة، فأما التسوية بينهما بقلبه من حيث لا يميل إلى أحدهما، ولا يرى الحظ له دون غيره، فغير مؤاخذ به ولا محاسب عليه، لقوله تعالى: " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ".
وأما موضع الجلوس فإنه يجلسهما بين يديه ولا يكون أحدهما أقرب إليه من الآخر، روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قضى أن يجلس الخصمان بين يدي القاضي، هذا كله إذا استويا في الدين مسلمين أو مشركين.
فأما أن يكون أحدهما مسلما والآخر مشركا، قال بعضهم: يرفع المسلم على