وأيضا فمذهب مالك يؤدى إلى القضاء بمجرد النكول لأن المدعي إذا لم يحلف مع شاهده فقد أطرح شاهده ورفضه كأن لم يكن، فصارت اليمين في جنبة المدعى عليه ابتداء.
فلو قلنا متى نكل عنها قضينا عليه بالنكول كان حكما بمجرد النكول، وهذا لا سبيل إليه، ولأن مذهبه يفضى إلى القضاء بالشاهد الواحد لأن اليمين على المدعى عليه فمتى نكل لم يكن نكوله حجة للمدعي كما لو كان مع المدعي شاهدان فتركها وعدل إلى إحلاف المدعى عليه لم يكن في عدوله إليه عن شاهده حجة للمدعى عليه، فإذا ثبت أن نكوله ليس بحجة للمدعى عليه لم يبق مع المدعي إلا شاهد واحد، فوجب أن لا يقضى له به.
مسألة 25: لا يثبت الوقف بشهادة واحد مع يمين المدعي، وللشافعي فيه قولان: بناء على الوقف إلى من ينتقل، فإذا قال: ينتقل إلى الله تعالى فلا يثبت إلا بشاهدين، وإذا قال: ينتقل إلى الموقوف عليه فيثبت بشاهد ويمين، وقال أبو العباس: يثبت بشاهد ويمين قولا واحدا.
دليلنا: أن ما اعتبرناه مجمع على ثبوت الوقف به، وما قالوه ليس عليه دليل، والأخبار التي رويناها في القضاء بالشاهد مع اليمين مختصة بالأموال، والوقف ليس بمال للموقوف عليه بل له الانتفاع به فقط دون رقبته.
مسألة 26: إذا كان معه شاهد وأراد أن يحلف المدعى عليه فنكل عن اليمين فإنها ترد على المدعي فإن حلف حكم له بها، وإن نكل ولم يحلف انصرف، وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والثاني لا يرد عليه بل يحبس المدعى عليه حتى يحلف أو يعترف.
دليلنا: عموم الأخبار التي وردت في أن المدعى عليه إذا رد اليمين فعلى المدعي اليمين، وهي عامة.