التابعين عطاء وطاووس، والشعبي، قال الشعبي: يقبل الله توبته ولا نقبل نحن شهادته، وبه قال في الفقهاء الزهري وربيعة ومالك والشافعي والأوزاعي وعثمان البتي وأحمد وإسحاق.
وذهبت طائفة إلى أنها تسقط ولا تقبل أبدا، ذهب إليه في التابعين شريح والحسن البصري والنخعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه، والكلام مع أبي حنيفة في فصلين:
عندنا وعند الشافعي ترد شهادته بمجرد القذف، وعنده لا ترد بمجرد القذف حتى يجلد فإذا جلد ردت شهادته بالجلد لا بالقذف.
والثاني: عندنا تقبل شهادته إذا تاب، وعنده لا تقبل ولو تاب ألف توبة.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، والدليل على أن رد الشهادة يتعلق بمجرد القذف ولا يعتبر الجلد قوله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا، فذكر القذف فعلق وجوب الجلد برد الشهادة فثبت أنهما تعلقا به والذي يدل على أن شهادتهم لا تسقط أبدا قوله تعالى في سياق الآية: وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم، ووجه الدلالة أن الخطاب إذا اشتمل على جمل معطوفة بعضها على بعض " بالواو " ثم تعقبها استثناء رجع الاستثناء إلى جميعها إذا كانت كل واحدة منهما مما لو انفردت رجع الاستثناء إليها كقوله " امرأتي طالق وأمتي حرة وعبدي حر إن شاء الله " رجع الاستثناء إلى كل المذكور، وكذلك في الآية.
فإن قالوا: الاستثناء يرجع إلى أقرب المذكورين، فقد دللنا على فساد ذلك في كتاب أصول الفقه، والثاني: أن في الآية ما يدل على أنه لا يرجع إلى أقرب المذكورين فإن أقربه الفسق، والفسق يزول بمجرد التوبة، وقبول الشهادة لا يثبت بمجرد التوبة بل تقبل بالتوبة، وإصلاح العمل قيل ستة أشهر، وقيل سنة فلما شرط في التوبة إصلاح العمل ثبت أنه رجع إلى الشهادة لا إلى الفسق.