فعلى قولين، ومذهبنا أن القسمة إفراز حق وليست ببيع، فعلى هذا تصح القسمة.
فمن قال: القسمة باطلة، فلا كلام ومن قال: صحيحة، قال: قيل للوارث إن قضيتم الحق من غير التركة استقرت القسمة، وإن لم تقضوه من غيرها نقضنا القسمة، وقضينا الدين منها، هذا إذا كان عليه دين.
فأما إن اقتسماها وهناك وصية نظرت: فإن كانت الوصية بشئ بعينه فالحكم فيه كما لو بان فيها مستحق بعينه، وإن كانت الوصية بشئ مشاع فهو كما لو بان المستحق مشاعا وقد مضى، فإن لم تكن في شئ بعينه ولا مشاعا كقوله: أعطوا فلانا مائة، وتصدقوا على فلان بألف، فالحكم فيه كما لو مات وعليه دين وقد مضى.
إذا كان بينهما أنواع من الحبوب حنطة وشعير وذرة ودخن وباقلاء ونحو ذلك، فطلب أحدهما أن يقسم كل صنف على حدته، وقال الآخر: بل يقسم بعضها في بعض بالقيمة يجعل الحنطة والذرة سهما، والدخن والعدس سهما بالقيمة، قدمنا قول من طلب أن يقسم كل صنف على حدته، وأجبرنا الآخر عليها، لأن القسمة إفراز حق لإزالة الضرر، وذلك حاصل إذا قسم كل صنف على حدته، فأما إذا جعل الكل واحدا وقسم لم يحصل المقصود له في كل صنف من ملكه، وكان هذا بيع حنطة بشعير فلا يجبر عليه، فإن تراضيا به جاز، لكن من يقول: إن القسمة بيع، يقول: لا بد من التقابض قبل التفرق.
ومتى كان لهما ملك أقرحة كل قراح منفرد عن صاحبه ولكل واحد منهما طريق ينفرد به، فطلب أحدهما قسمة كل قراح على حدته، وقال الآخر: لا بل بعضها في بعض كالقراح الواحد، قسمنا كل قراح على حدته ولم يقسم بعضها في بعض، سواء كان الجنس واحدا مثل أن كان الكل نخلا أو الكل كرما، أو أجناسا مختلفة الباب واحد، وسواء كانت متجاورة أو متفرقة وكذلك الدور والمنازل، هذا عندنا وعند جماعة.