فما لم تمسه النار فهو كالعصير وخل العنب واللبن الحليب، فكل هذا يجوز بيع بعضه ببعض مثلا بمثل، إذا كان الجنس واحدا.
وأما ما مسته النار فعلى ضربين: ما قصد به التصفية وما به عقد، فأما ما قصد به التصفية كالعسل والسمن فالحكم فيه كالحكم في الذي لم تمسه النار، وكل ما أجزنا بيعه أجزنا قسمته، وأما ما مسته النار لعقد أجزائه كالدبس والرب ونحو هذا، فلا يجوز بيع بعضه ببعض إذا كان الجنس واحدا، وأما القسمة فمن قال: بيع لم يجز أيضا، ومن قال: إفراز حق أجازه، وعندنا يجوز بيع بعضه ببعض مثلا بمثل، وكذلك قسمته لأن الأصل جوازه.
فأما الثياب فإن كان بينهما ثوب واحد لم يخل من أحد أمرين: إما أن ينقص بالتخريق والقطع أو لا ينقص.
فإن كان مما لا ينقص إذا قطع بعضه كالثوب الغليظ الذي كان الذرع منه منفصلا ومتصلا سواء، فالحكم فيه كالأرض يجوز قسمته إن تساوت أجزاؤه وكان بينهما نصفين، قسمناه نصفين، وإن اختلفت أجزاؤه قسمناه بالقيمة كالأرض سواء.
فأما إن كان مما ينقص إذا قطع كالدبيقي والقصب ونحو هذا فإنه لا يقسم بينهما، لأنه ينقص بالقسمة، وهذا يدل على أن الضرر هو نقصان القيمة أو من عدم الانتفاع.
وأما إن كان بينهما ثياب كثيرة فالحكم فيها وفي الأواني والخشب والأبواب والأساطين والعبيد واحد، وكل عينين يضمن كل واحدة بالقيمة، فإذا طلب أحدهما قسمته قال قوم: يجبر الآخر عليه، وهو الأقوى، وقال بعضهم: لا يجبر الممتنع عليها، لأنهما عينان يضمنان بالقيمة كالدارين المتلاصقين، والأول أصح، لأن اختلاف قيمة هذا الجنس الواحد ليس بأكثر من اختلاف قيمة الدار الكبيرة والقربة.
وهذا الاختلاف لا يمنع من الإجبار على القسمة، ويفارق الدارين، لأن كل واحدة منهما يمكن إفرادها بالقسمة وليس كذلك هاهنا لأنه لا يمكن قسمة كل