المشرك في المكان، لما روي أن عليا عليه السلام رأى درعا مع يهودي فعرفها وقال:
هذه درعي ضاعت مني يوم الجمل، فقال اليهودي: درعي ومالي وفي يدي، فترافعا إلى شريح وكان قاضي علي عليه السلام فلما دخلا عليه قام شريح من موضعه وجلس علي في موضعه وجلس شريح واليهودي بين يديه فقال علي عليه السلام: لولا أنه ذمي لجلست معه بين يديك، غير أني سمعت النبي عليه السلام يقول: لا تساووهم في المجالس، وهذا هو الأولى.
إذا جلس الخصمان بين يديه فلا ينهرهما - يعني لا يصيح عليهما في غير موضعه - فلا يتمكن ذو الحجة من إيراد حجته على وجهها، ولا يتعنت شاهدا ولا يتعقبه، - والتعنت أن يفرق الشاهدين وهما من أهل السر والضبط والقول السديد -، فلا يفعل هذا بهما، لأن فيه منقصة عليهما وقدحا في رأيهما، - ومعنى لا يتعقبه أي لا يداخله في الشهادة - ولا يتعقبه في الألفاظ عند إقامة الشهادة بل يدعه حتى ينتهي ما عنده على ما شهد به.
إذا جلس الخصمان بين يديه لم يكن له أن يلقن أحدهما ما فيه ضرر على خصمه، ولا يهديه إليه، مثل أن يقصد الإقرار فيلقنه الإنكار، أو يقصد اليمين فيلقنه ألا يحلف، وكذلك في الشهادة إذا أحس منه التوقف في شهادته لم يكن له أن يشير عليه بالإقدام عليها، وإذا أحس منه الإقدام عليها لا يلقنه التوقف عنها، لأن عليه أن يسوي بينهما فيما يجد السبيل إليه، فإذا لقن واحدا منهما فقد ظلم الآخر وأفضي إلى إيقاف حقه، هذا فيما يتعلق بحقوق الآدميين.
فأما ما يتعلق بحقوق الله، فإنه يجوز التلقين فيها والتنبيه على ما يسقطها، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقن ما عز بن مالك حين اعترف بالزنى، فقال: لعلك قبلتها لعلك لمستها، ولأن هذه الحقوق إذا ثبتت باعترافه سقطت بإنكاره.
وإذا جلسا بين يديه جاز أن يقول: تكلما - بمعنى يتكلم المدعي منكما -، أو يصرح بهذا فيقول: يتكلم المدعي منكما، أو يسكت الحاكم ليقول القائم على رأسه