وقال بعضهم: إن كانت متجاورة قسم بعضها في بعض، وإن كانت متفرقة كقولنا، وقال قوم: إن كان الجنس واحدا قسم بعضه في بعض، وإن كان أجناسا كقولنا، فإن تراضيا عليه جاز لأنه بمنزلة البيع.
وكل قسمة افتقرت إلى التراضي ابتداء فهل تفتقر إلى التراضي انتهاء أو هو بعد القرعة؟ قال بعضهم: تفتقر، وقال غيره: لا تفتقر، والأول أقوى، سواء كان فيها رد أو لا رد فيها، هذا إذا كانت الأقرحة متفرقة فينفرد كل واحد منهما بطريق.
فأما إن كان القراح واحدا وهو ما كان طريقه واحدا، فإنه يقسم بعضه في بعض وإن كثر وعظم واختلفت أجناسه بالشجر وغيرها، لأنه ليس فيه أكثر من أن بعضه أعلى ثمنا وأجل قيمة من بعض.
وهذا الاختلاف لا يمنع الإجبار كالدار إذا كانت بينهما وبعضها أكثر قيمة من بعض، وكذلك القرية تختلف قيمة أقرحتها وتقسم كلها كالقراح الواحد، ويفارق هذا إذا كانت الأقرحة متجاورة ولكل قراح طريق ينفرد به، لأنها أملاك متميزة، بدليل أنه إذا بيع سهم من قراح لم يجب الشفعة فيه بالقراح المجاورة له.
وليس كذلك إذا كان القراح واحدا، وله طريق واحدة، لأنه ملك مجتمع بدليل أنه لو بيع بعضه وجب الشفعة فيه بما بقي، وأصل هذا وجوازه على الشفعة فكل ما بيع بعضه يوجب فيه الشفعة فهو الملك المجتمع، وكل ما إذا بيع بعضه لم يجب الشفعة لمجاوره كانت أملاكا متفرقة.
فإن كان بينهما عضائد متصلة صفا واحدا - وهي الدكاكين الضيقة التي لا يمكن قسمة كل واحد منها -، فطلب أحدهما قسمة بعضها في بعض، قال قوم:
يجبر الآخر عليه لأنها مجتمعة في مكان واحد، فهي كالدار الواحدة ذات بيوت، وكالخان ذات البيوت فإنها يقسم قسمة إجبار، وقال قوم: لا يجبر على ذلك، لأن كل واحد منها منفرد ويقصد بالسكنى ولكل واحد منها طريق مفردة لها، فجرت مجرى الدور المتجاورة، وتفارق الدار الواحدة لأن جميعها يقصد بالسكنى والطريق إليها واحد، فلهذا قسمت قسمة إجبار، والعضائد بخلافه، وهذا القول أقوى