واحد على الانفراد فلهذا قسم بعضه في بعض.
وأصل هذه المسألة ما رواه عمران بن حصين أن رجلا أعتق في مرضه ستة مماليك له ولا مال له غيرهم فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله فجزأهم ثلاثة أجزاء فأعتق اثنين وأرق أربعة، وقال قوم: العبيد تساوت أجزاؤها فلهذا عدلهم بالسهام، فعلى هذا يجبر الممتنع في مسألتنا، وهو الأقوى عندنا، وقال من منع منه: إنما فعل النبي عليه السلام ذلك لمزية الحرية، فعلى هذا لا مزية في مسألتنا، فلا يجبر أحدهما على القسمة.
إذا كانت يد رجلين على ملك فسألا الحاكم أن يقسمه بينهما نظرت: فإن أقاما البينة عنده أنه ملكهما قسمه بينهما وإن لم يكن لهما بينة غير اليد ولا منازع هناك قال قوم: يقسمه بينهما، وقال آخرون: لا يقسمه، وسواء كان ذلك مما ينقل ويحول أو لا ينقل ولا يحول، وسواء قالا: ملكناه إرثا أو بغير إرث، وقال بعضهم:
إن كان مما ينقل ويحول قسمه بينهما، وإن كان مما لا ينقل فإن قالا بالميراث بيننا لم يقسم، وإن قالا غير ميراث قسمه بينهما، والأول أقوى عندنا.
القسمة ضربان: قسمة إجبار وقسمة تراض.
فإن كانت قسمة إجبار نظرت في القاسم: فإن كان قاسم الإمام لزمت بالقرعة، لأن قرعة القاسم كحكم الحاكم لأنه يجتهد في تعديل السهام كما يجتهد الحاكم في إطلاق الحق، وإن كان القاسم رجلا ارتضوا به حكما وقاسما فالحكم فيه كالتراضي بحاكم يحكم بينهما.
ولو تراضيا بحاكم يحكم بينهما، بما ذا يلزم الحكم؟ قال قوم: بمجرد الحكم، وقال آخرون: بالتراضي بعد الحكم كذلك هاهنا، قال بعضهم: يلزم بالقرعة، وقال غيره: بالتراضي بعد القرعة، وهو الأقوى عندنا في الموضعين.
وإن كانا هما اللذان توليا ذلك بينهما من غير قاسم، فعدلا وأقرعا فإنها لا تلزم إلا بالتراضي بعد القرعة، لأنهما تقاسما من غير قاسم، هذا الكلام في قسمة الإجبار.