إن أحببت وتعجل العصر إذا لم يكن هناك نوافل، ولا علة تمنعك أن تصليهما في أول وقتهما وتجمع بينهما في السفر إذ لا نافلة تمنعك من الجمع.
وقد جاءت أحاديث مختلفة في الأوقات ولكل حديث معنى وتفسير، فجاء أن أول وقت الظهر زوال الشمس وآخر وقتها قامة رجل: قدم وقدمان، وجاء على النصف من ذلك وهو أحب إلى، وجاء آخر وقتها إذا تم قامتين، وجاء أول وقت العصر إذا تم الظل قدمين وآخر وقتها إذا تم أربعة أقدام، وجاء أول وقت العصر إذا تم الظل ذراعا وآخر وقتها إذا تم ذراعين، وجاء لهما جميعا وقت واحد مرسل، لقوله: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين، وجاء أن رسول الله ص جمع بين الظهر والعصر ثم المغرب والعتمة من غير سفر ولا مرض، وجاء أن لكل صلاة وقتين: أول وآخر، كما ذكرناه في أول الباب وأول الوقت أفضلها.
وإنما جعل آخر الوقت للمعلول فصار آخر الوقت رخصة للضعيف بحال علته في نفسه وماله وهي رحمة للقوي الفارع لعلة الضعيف والمعلول، وذلك أن الله فرض الفرائض على أضعف القوم قوة ليستوي فيها الضعيف والقوي كما قال الله تبارك وتعالى: فما استيسر من الهدي، وقال: فاتقوا الله ما استطعتم، فاستوى الضعيف الذي لا يقدر على أكثر من شاة والقوي الذي يقدر على أكثر من شاة إلى أكثر القدرة في الفرائض وذلك لئلا تختلف الفرائض فلا يقام على حد، وقد فرض الله تبارك وتعالى على الضعيف ما فرض على القوي ولا يفرق عند ذلك بين القوي والضعيف، فلما لم يجز أن يفرض على الضعيف المعلول فرض القوي الذي هو غير معلول لم يجز أن يفرض على القوي غير فرض الضعيف فيكون الفرض محمولا ثبت الفرض عند ذلك على أضعف القوم ليستوي فيها القوي والضعيف رحمة من الله للضعيف لعلته في نفسه ورحمة منه للقوي لعلة الضعيف، ويستتم الفرض المعروف المستقيم عند القوي والضعيف.
وإنما سمي ظل القامة قامة لأن حائط رسول الله ص قامة انسان، فسمي ظل الحائط ظل قامة وظل قامتين وظل قدم وظل قدمين وظل أربعة أقدام وذراع، وذلك أنه إذا مسح بالقدمين كان قدمين وإذا مسح بالذراع كان ذراعا وإذا مسح بالذراعين