السلف: إن الله حرم بهذه الآية المسكر، ثم حرم القليل والكثير منه في المائدة، كما ذكر هنا بعض أحكام الطهارة وبينها في المائدة.
ومعنى: لا تقربوا الصلاة، لا تصلوا، و " لا تقرب الشئ " أبلغ في النهي من " لا تفعله ".
وقد ذكرنا أن قوله: وأنتم سكارى، جملة من مبتدأ وخبر في موضع الحال، لأنه لم ينههم عن الصلاة مطلقا، إنما نهاهم عن السكر الذي لا يفهم معه القول، أي إذا كنتم بهذه الحالة فلا تصلوا، والمراد تجنبوا الصلاة في هذه الحالة.
وقوله: حتى تعلموا ما تقولون، غاية للحال التي نهي عن الصلاة فيها، فكأنه قال:
لكن إذا كنتم من السكر في حد تعلمون معه معنى ما تقرأون في صلاتكم أو لفظه فصلوا.
وقد بينا أن قوله " ولا جنبا " إنما نصب على الحال عطفا على محل " وأنتم سكارى "، أي لا تقربوا مواضع الصلاة من المساجد لا مجتازين في حال السكر ولا مجتازين في حال الجنابة، وهو قول أبي جعفر ع، وحذف لدلالة الكلام عليه وهو الأقوى، لأنه تعالى بين حكم الجنابة في آخر هذه الآية إذا عدم الماء، فلو حملناه على ذلك لكان تكرارا، وإنما أراد أن يبين حكم الجنب في دخول المساجد في أول الآية، وحكمه إذا أراد الصلاة مع عدم الماء في آخرها.
وبهذه الآية وبالآية التي تقدم ذكرها من المائدة يستدل على تحريم الخمسة الأشياء على الجنب على ما ذكرناه.
فصل:
وقوله " أو لمستم " المراد بالقراءتين في الآيتين الجماع، واختاره أبو حنيفة أيضا، أ لا ترى إلى قوله: ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم، خصص باليد لئلا يلتبس بالوجه الآخر.
وكل موضع ذكر الله تعالى المماسة أراد به الجماع، كقوله: من قبل أن يتماسا، وكذلك الملامسة. وقال بعضهم: من قرأ بلا ألف أراد اللمس باليد وغيرها مما دون الجماع، واختاره الشافعي. والصحيح هو الأول.