من الوضوء إذا قمتم إلى الصلاة ومن الغسل من الجنابة والتيمم عند عدم الماء أو تعذر استعماله ليلزمكم في دينكم من ضيق ولا ليفتنكم فيه. ومن الحرج الذي لم يرده الله تعالى بهم، أن يغتسلوا حين يخافون منه تلف النفس.
ثم قال: ولكن يريد ليطهركم، أي لكن يريد الله ليطهركم بما فرض عليكم من الوضوء والغسل من الأحداث والجنابة أن ينظف به أجسامكم من الذنوب، كما قال النبي ص:
إن الوضوء يكفر ما قبله.
وقوله: وليتم نعمته عليكم، معناه يريد الله مع تطهيركم من ذنوبكم أن يتم نعمته بإباحته لكم التيمم وبطاعتكم إياه فيما فرض عليكم من الوضوء والغسل إذا قمتم إلى الصلاة مع وجود الماء والتيمم مع عدمه، لتشكروا الله على نعمه فتستحقوا الثواب إذا قمتم بالواجب في ذلك.
فصل:
والله تعالى ما جعل علينا في الدين من حرج، حتى أباح للمتيمم أن يصلى بتيممه صلوات الليل والنهار كلها من الفرائض والنوافل ما لم يحدث أو لم يتمكن من استعمال الماء.
ويدل عليه قوله في آية الطهارة أنه أوجب الطهارة على القائم إلى الصلاة إذا وجد الماء، ثم عطف عليه بالتيمم عند فقد الماء، والصلاة اسم الجنس، وكأنه قال والطهارة تجزئكم لجنس الصلاة إذا وجدتم الماء وإذا فقدتموه أجزأكم التيمم لجنسها. ثم كما لا تختص الطهارة بصلاة واحدة فكذلك التيمم.
فإن قيل: إن قوله: إذا قمتم إلى الصلاة، يدل على إيجاب الطهور أو التيمم إذا لم يجد الماء على كل قائم إلى الصلاة، وهذا يقتضي وجوب التيمم لكل صلاة. قلنا: ظاهر الأمر لا يدل على التكرار ولا على الاقتصار، من فعل مرة واحدة فليس يجب تكرر الطهارة بتكرر القيام إلى الصلاة إلا بقرينة ودليل.
على أن السائل يذهب إلى أن الرجل لو قال لامرأته: أنت طالق إذا دخلت الدار، فلم يقتض قوله أكثر من مرة واحدة عند من يجيز الطلاق مشروطا، ولو تكرر دخولها لم