وآباؤه وأبناؤه الاثنا عشر ع، وكلما يصدر عنهم من أحكام الشرع عن رسول الله عن الله تعالى يجب على من خالفنا العمل عليه، سواء أسندوا أو أرسلوا. وكيف لا وهم يعملون على ما رواه مثل أبي هريرة وأنس من أخبار الآحاد.
وهذا السؤال يعتمده مخالفونا في جميع مسائل الشرع، وهو غير قادح.
فصل:
وقوله تعالى: إنما المشركون نجس، يدل على أن سؤر اليهودي والنصراني وكل كافر أصلي أو مرتد أو ملي نجس. وفي الآية شيئان تدل على المبالغة في نجاستهم:
أحدهما: قوله: إنما المشركون، فهو أبلغ في الإخبار بنجاستهم من أن يقال: المشركون نجس، من غير إنما، فإن قول القائل: إنما زيد خارج، عند النحويين بمنزلة: ما خارج إلا زيد.
والثاني: قوله " نجس " وهو مصدر، ولذلك لم يجمع، والتقدير إنما المشركون ذوو نجاسة. وجعلهم نجسا مبالغة في وصفهم بذلك، كما يقال " ما هو إلا سير " إذا وصف بكثرة السير، وكقوله:
فإنما هي إقبال وإدبار وليس لأحد أن يقول: المراد به نجاسة الحكم لا نجاسة العين، لأن حقيقة هذه اللفظة تقتضي نجاسة العين في الشرع وإنما يحمل على الحكم تشبيها ومجازا، والحقيقة أولى من المجاز باللفظ، على أنا نحمله على الأمرين لأنه لا مانع من ذلك.
فإن قيل: فقد قال الله تعالى: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم، وهذا عام في جميع ما شربوا وعالجوا بأيديهم.
قلنا: يجب تخصيص هذا الظاهر بالدلالة على نجاستهم، وتحمل هذه الآية على أن المراد بها طعامهم الذي هو الحبوب وما يملكونه دون ما هو سؤر أو عالجوه على أن ما في طعام أهل الكتاب ما يغلب على الظن أن فيه خمرا أو لحم خنزير، فلا بد من اخراجه من هذا الظاهر، وإذا أخرجناه من الظاهر لأجل النجاسة وكان سؤرهم على ما بينا نجسا أخرجناه أيضا من الظاهر.