فإن قيل: الآية ترخص للمحدث التيمم إذا فقد الماء، فمن أين لكم أن من سواه ممن ذكرتموه يجوز له أيضا ذلك؟
قلنا: قد قدمنا أن من المعلوم إنه تعالى أراد بوجود الماء التمكن من استعماله والقدرة عليه، والتمكن مرتفع في المواضع كلها.
فصل:
وقوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا يدل على أن المحبوس إذا لم يجد الماء وتيمم وصلى فلا إعادة عليه، خلافا للشافعي.
وإنما قلنا أنه لا يعيد، لأنه إذا صلى فقد أدى فرضا بالاتفاق، وإعادة الفرض لا تجب إلا بحجة، ولا حجة على إعادة صلاة المحبوس بالتيمم من كتاب ولا سنة ولا إجماع.
ويستحب التيمم من ربي الأرض التي تنحدر المياه عنها، فإنها أطيب من مهابطها، قال تعالى " صعيدا طيبا ". وسمي صعيدا لأنه يصعد من الأرض، والطيب ما لم يعلم فيه نجاسة، وطيبا أي طاهرا، وقيل حلالا، وقيل منبتا دون السبخة التي لا تنبت، كقوله " والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا " والعموم يتناول الكل.
وتسمية التيمم بالطهارة حكم شرعي، لأن النبي ص قال: جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا.
ولا يرفع الحدث بالتيمم، سواء كان بدلا من الوضوء أو بدلا من الغسل، وإنما يستباح به الصلاة عند ارتفاع التمكن من الطهارتين، ألا ترى أن الجنب إذا تيمم وصلى فإذا تمكن من الماء يجب عليه الاغتسال.
وقال المرتضى رضي الله عنه: يجب في نية التيمم رفع الحدث ليصح الدخول في الصلاة.
فصل:
وقوله تعالى ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج، معناه ما يريد الله فيما فرض عليكم