" حتى تعلموا ما تقولون " أي حتى تميزوا بين الكلام وحتى تحفظوا ما تتلون من القرآن.
وقوله: ولا جنبا إلا عابري سبيل، فيه قولان أيضا:
أحدهما: أن معناه لا تقربوا مواضع الصلاة من المساجد وأنتم جنب إلا مجتازين، و " عابري سبيل " أي مارين في طريق حتى تغتسلوا من الجنابة.
والثاني: أن المراد به لا تقربوا الصلاة وأنتم جنب إلا أن تكونوا مسافرين فيجوز لكم أداؤها بالتيمم وإن لم يرتفع حكم الجنابة، فإن التيمم - وإن أباح الصلاة - لا يرفع الحدث.
والقول الأول أقوى، لأنه تعالى بين حكم الجنب في آخر الآية إذا عدم الماء، فلو حملناه على القول الثاني لكان تكرارا، وإنما أراد تعالى أن يبين حكم الجنب في دخول المساجد في أول الآية ويبين حكمه في الصلاة عند عدم الماء في آخر الآية.
وقوله: وإن كنتم مرضى، قد بينا أنه نزل في أنصاري مريض لم يستطيع أن يقوم فيتوضأ.
والمرض الذي يجوز معه التيمم مرض الجراح والكسر والقروح إذا خاف أصحابها من مس الماء، وقيل هو المرض الذي لا يستطيع معه تناول الماء، أو لا يكون هناك من يناوله على ما قدمناه. والمروي عن الأئمة ع جواز التيمم في جميع ذلك لأنه على العموم.
والمراد بقوله " لمستم " و " لامستم " الجماع، ليكون بيانا لحكم الجنب عند عدم الماء، كما بين حكم الجنب في حال وجود الماء بقوله: ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغسلوا، وبين أيضا حكم المحدث عند عدم الماء بقوله: أو جاء أحد منكم من الغائط.
فصل:
يسأل عن قوله تعالى: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى، فيقال: كيف يجوز نهي السكران في حال السكر مع زوال العقل؟
ويجاب عنه بأجوبة:
أحدها: أن النهي إنما ورد عن التعرض للسكر في حال وجوب أداء الصلاة عليهم على التخصيص وإن وجب ذلك قبله، كما قال تعالى بعد ذكر الأشهر الحرم: فلا تظلموا