وخالف الجميع وقالوا خمسة عشر، وأما المستحاضة فهي المرأة التي غلبها الدم فلا يرقأ، والسين ههنا للصيرورة، أي صارت كالحائط.
والاستحاضة دم رقيق أصفر بارد على الأغلب، وهي بحكم الطاهر إذا فعلت ما يجب عليها. وقال قوم: تغتسل مرة ثم تتوضأ لكل صلاة. وقال قوم: تغتسل عند كل صلاة.
وعندنا لها ثلاثة أحوال: إن رأت الدم لا يظهر على القطنة فعليها تجديد الوضوء لكل صلاة (وإن ظهر الدم على القطنة ولا يسيل فعليها غسل لصلاة الغداة وتجديد الوضوء لباقي الصلوات) وإن ظهر الدم عليها وسأل فعليها ثلاثة أغسال عند الغداة والظهر والمغرب.
وحكم النفاس حكم الحيض إلا في الأقل، فليس حد لأقل النفاس. وهذا يعلم بالإجماع والسنة تفصيلا وبالكتاب جملة، قال تعالى: ما آتاكم الرسول فخذوه.
فصل:
وقوله: قل هو أذى، معناه قذر ونجاسة، وقيل: قل يا محمد هو دم ومرض، وقيل هو أذى لهن وعليهن لما فيه من المشقة.
فاعتزلوا النساء في المحيض، أي اجتنبوا مجامعتهن في الفرج، عن ابن عباس وعائشة والحسن وقتادة ومجاهد، وهو قول الشيباني محمد بن الحسن، ويوافق مذهبنا.
وقيل أنه لا يحرم منها غير موضع الدم فقط، وقيل يحرم ما دون الإزار ويحل ما فوقه، وهو قول أبي حنيفة والشافعي. والاعتزال التنحي عن الشئ.
وقيل معنى " أذى " أي ذو أذى، أي يتأذى به المجامع بنفور طبعه عما يشاهد، فلا تلزموا أنفسكم منه أكثر من ترك مجامعتهن في ذلك الموضع، لأن من العرب من كان يتجنب المرأة كلها تقبيلها وأن يماس بدنها، فأبطل الله هذا الاعتقاد وبين أنه أذى فقط، أي يستقذر المجامع دم الحيض، وإنه كلفة عليهن في التكليف.
ولو قال: فاعتزلوا النساء فيه، لكان كافيا، وإنما ذكر في المحيض إيضاحا وتوكيدا وتفخيما، ولذلك قال " ولا تقربوهن " بعد أن قال " اعتزلوا النساء " لما وصله به من ذكر