وأكثر الفقهاء، وبه قال قوم من أصحابنا لحديث ورد للتقية.
وثانيها: إنه ضربة للوجه وضربة لليدين من الزندين، وإليه ذهب عمار بن ياسر ومكحول والطبري، وهو مذهبنا في التيمم إذا كان بدلا من الجنابة، فإن كان بدلا من الوضوء كفاه ضربة واحدة يمسح بها وجهه من قصاص شعره إلى طرف أنفه ويديه من زنديه إلى أطراف أصابعهما.
وإنما وهم الراوي عن عمار في الضربة في اليدين للتيمم على كل حال، لأنه روي التيمم الذي هو بدل من الجنابة. وقصته معروفة، وهي أنه وعمر كانا في سفر فاحتلما ولم يجدا الماء، فامتنع عمر من الصلاة إلى أن وجد الماء، وتمعك عمار في التراب وصلى، إذ لم يعرفا كيفية التيمم، فلما دخلا على رسول الله ص حكيا حالهما، فتبسم ع وقال: تمعكت كما تتمعك الدابة، ثم علمه كيفية التيمم.
وثالثها: إنه إلى الإبطين، ذهب إليه الخوارج.
وروى الزهري: إن الله عفو يقبل منكم العفو السهل، لأن في قبوله التيمم بدلا من الوضوء تسهيل الأمر علينا.
ومسح الوجه بالتراب وما يجري مجراه في التيمم إنما هو إلى طرف الأنف، ومسح اليد على ظاهر الكف على ما قدمناه. والدليل عليه - بعد إجماع الطائفة - قوله تعالى:
فامسحوا بوجوهكم وأيديكم، ودخول الباء إذا لم يكن لتعدية الفعل إلى المفعول لا بد له من فائدة وإلا كان عبثا، ولا فائدة بعد ارتفاع التعدية إلا التبعيض، وحكم التبعيض يسري من الوجوه إلى الأيدي، لأن حكم المعطوف والمعطوف عليه سواء في مثل ذلك.
فصل:
والمقيم إذا فقد الماء يتيمم كالمسافر، لأن العلة في السفر فقدان الماء. أ لا ترى أن السفر بانفراده لا يرخص التيمم فيه، وإنما ذكر سبحانه السفر مع السببين للترخيص في التيمم على ما قدمناه، لأن الغالب في السفر عوز الماء دون الحضور وبناء كلام العرب على الأغلب كثير.