عليكم في الدين من حرج ". وبمثل ذلك تدل الآية على مقارنة النية واستدامة حكمها.
فصل:
ويدل قوله: وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم، على أن من مسح رأسه ورجليه بإصبع واحدة فقد دخل تحت الاسم ويكون ماسحا. ولا يلزم على ذلك ما دون الأصبع، لأنا لو خلينا والظاهر لقلنا بذلك، لكن السنة منعت منه. وصورته: أن يمسح برأس مسبحة يمينه مقدم رأسه، يضعها عليه عرضا مع الشعر إلى قصاصه، ثم يمسح بها عرضا رجله اليمنى من أصابعها إلى الكعب، وبمسبحته اليسرى رجله اليسرى كذلك. فهذا مجزئ. والندب: أن يمسح مقدم الرأس بثلاث أصابع مضمومة بالعرض، وأن يمسح الرجلين بالكفين.
والباء التي في قوله " برؤوسكم " كما تدل على مسح بعض الرأس تدل في الرجلين أيضا عليه، لأنها مضمرة في " أرجلكم "، وواو العطف منبئة عنه وقائمة مقامها، وكلما هو منوي في الكلام فهو في حكم الثابت على بعض الوجوه.
فصل:
وتدل الآية بقريب من ذلك على أن مسح الرأس والرجلين ببقية نداوة الوضوء من غير استيناف ماء جديد، لأن الأمر كما هو على الإيجاب شرعا فهو على الفور، وإذا لم يشتغل المتطهر بأخذ الماء الجديد واكتفى بالبلة فهو على الفور، ولأن اسم المسح يقع على كليهما، فلا يصح أن يميز ويخصص بأحدهما إلا بقرينة تنضم إليه.
وإجماع الطائفة - الذي هو حجة - حاصل على أن المسح ببقية النداوة، وهو من أوثق القرائن على أنه سبحانه لم يذكر في الآية استيناف الماء، وهذا قد مسح.
فإن قيل: ولم يذكر المسح ببقية النداوة أيضا.
قلنا: نحمل الآية على العموم ونخصها - بدليل إجماع الفرقة - على أن المسح في الشرع هو أن يبل المحل بالماء من غير أن يسيل، والغسل إمرار الماء على المحل حتى يسيل مع الاختيار.