وقيل أن " أو " ههنا بمعنى الواو، كقوله " أرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون " يعني وجاء أحد منكم من الغائط، وذلك لأن المجئ من الغائط ليس من جنس المرض والسفر حتى يصح عطفه عليهما، فإنهما سبب لإباحة التيمم والرخصة، والمجئ من الغائط سبب لإيجاب الطهارة، والتقدير: وقد جاء من الغائط.
وقوله: أو لامستم النساء، المراد به الجماع، وكذا إذا قرئ " أو لمستم " واللمس والملامسة معناهما واحد، لأنه لا يلمسها إلا وهي تلمسه. وقيل المراد به اللمس باليد وغيرها، والصحيح هو الأول.
يروى أن العرب والموالي اختلفتا فيه، فقال الموالي المراد به الجماع، وقال العرب المراد به مس المرأة. فارتفعت أصواتهم إلى ابن عباس فقال: غلب الموالي المراد به الجماع.
وسمي الجماع لمسا لأن به يتوصل إلى الجماع، كما سمي المطر سماءا.
فصل:
وقوله: فلم تجدوا ماءا، راجع إلى المرضى والمسافرين جميعا، مسافر لا يجد الماء ومريض لا يجد الماء أو من يوضئه أو يخاف الضرر من استعمال الماء، لأن الأصل أن حال المرض يغلب فيها خوف الضرر من استعمال الماء، و حال السفر يغلب فيها عدم الماء.
" فتيمموا " أي تعمدوا وتحروا واقصدوا صعيدا. وقد ذكرنا أن الزجاج قال: الصعيد وجه الأرض. وهذا يوافق مذهب أصحابنا في أن التيمم يجوز بالحجر، سواء كان عليه تراب أو لم يكن.
والتيمم إنما يصح ويجب لفريضة الوقت في آخر الوقت وعند تضيقه، لأن التيمم بلا خلاف إنما هو طهارة ضرورة، ولا ضرورة إليه إلا في آخر الوقت، وما قبل هذه الحال لم تتحقق فيه ضرورة.
وليس للمخالف أن يتعلق بظاهر قوله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، وبأنه لم يفرق بين أول الوقت وآخره، لأن الآية لو كان لها ظاهر يخالف قولنا جاز أن يخصه بإجماع الفرقة المحقة وبما ذكرناه أيضا، كيف ولا ظاهر لها ينافي ما نذهب إليه، لأنه تعالى قال: يا أيها الذين آمنوا إذا