إلى الصلاة " أي إذا أردتم القيام إليها وأنتم على غير طهر فعليكم الوضوء، وإن كنتم جنبا عند ذلك فاغتسلوا، أي اغسلوا جميع البدن على وجه، و إن كنتم جرحى أو مجدرين أو مرضى يضر بكم استعمال الماء وكنتم جنبا أو على غير وضوء أو كنتم مسافرين أو جامعتم النساء ولم تجدوا ماءا أو لا تتمكنون من استعماله فاقصدوا وجه الأرض طاهرا نظيفا غير نجس ولا قذر، " فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه " أي من الصعيد. فإذا تبينت خلاصة معنى الآية سهل عليك تدبر أحكامها التي نذكرها.
و " الغائط " أصله المطمئن من الأرض، وكانوا يتبرزون إليه ليغيبوا عن عيون الناس، ثم كثر ذلك حتى قيل للحدث غائط كناية بالتغوط عن الحدث في الغائط. وقيل: إنهم كانوا يلقون النجو في هذا المكان وترميه الرياح إليه أيضا، فسمي باسمه على سبيل المجاورة، ثم كثر ههنا حتى صار فيه حقيقة، وإن استعمل فيما وضع له أولا كان مجازا.
و " المس " يكون باليد، ثم اتسع فيه فأوقع على الجماع.
و " التيمم " القصد، وقد صار في الشرع اسما لقصد مخصوص، وهو أن يقصد الصعيد ونحوه، ويستعمل التراب وما في معناه في أعضاء مخصوصة.
و " الصعيد " وجه الأرض من غير نبات ولا شجر. وقال الزجاج: الصعيد ليس هو التراب إنما هو وجه الأرض ترابا كان أو غيره من الأحجار ونحوها، وإنما سمي صعيدا لأنه نهاية ما يصعد إليه من باطن الأرض.
وقوله: أو على سفر، معناه: وإن كنتم مسافرين.
فصل:
اعلم أنهم قالوا: إن السفر في هذين الموضعين غير معتبر اعتبارا يخل به إذا حصل شرطه الذي قرنه الله بذلك وقيده به من قوله: فلم تجدوا ماء، وإنما ذكر لأن أكثر هذه الضرورات على الأغلب تكون في حال السفر، فإن حصلت في غيره فكمثله. ولهذا نظائر كثيرة، كقوله " وربائبكم اللاتي في حجوركم ". وليس لكونهن في الحجور اعتبارا، وإنما ذكر ذلك لكونه في أكثر الحالات كذلك.