طهرت المرأة فهي طاهرة إذا لم يكن عليها نجاسة، وطهرت فهي طاهر إذا لم تكن حائضا.
والخطاب إذا ورد من الحكيم ويكون فيه وضع اللغة وعرف الشرع يجب حمله على العرف الشرعي إذا كان واردا لحكم من أحكام الشرع. ولأن جعله تعالى انقطاع الدم غاية يقتضي أن ما بعده بخلافه، فالحيض كما ذكر الله تعالى مانع وليس وجوب الاغتسال مانعا.
وطهرت بالفتح أقيس لقولهم طاهر، كقولهم قعد فهو قاعد. ومن حيث الطبيعة طهرت أولى في المعنى. والقراءة بالتشديد: لا بد من أن يكون المراد بها الطهارة، فإن كان المعنى التوضؤ - كما ذكرناه - فلا كلام، وإن كان الاغتسال فنحمله على الاستحباب.
فصل:
وقوله: فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله، أي إذا اغتسلن، وقيل: إذا توضأن، وقيل: إذا غسلن الفرج. " فأتوهن " أي فجامعوهن، وهو إباحة كقوله: وإذا حللتم فاصطادوا، وكقوله: فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله، وأما قوله: من حيث أمركم الله، (فمعناه من حيث أمركم الله) بتجنبه في حال الحيض، وهو الفرج، وقيل: من قبل الطهر دون الحيض. وقال محمد بن الحنفية: أي من قبل النكاح دون الفجور. والأول أليق بالظاهر، وإن كان العموم يحتمل جميع ذلك، وكذا يحتمل أن يكون المراد من حيث أباح الله لكم دون ما حرمه عليكم من إتيانها وهي صائمة واجبا أو محرمة أو معتكفة - على بعض الوجوه ذكره الزجاج، والعموم يشمل الجميع.
فغاية تحريم الوطء مختلف فيها: فمنهم من جعل الغاية انقطاع الدم حسب ما قدمناه، ومنهم من قال إذا توضأت أو غسلت فرجها حل وطؤها وإن كان الأولى أن لا يقربها إلا بعد الغسل وهو مذهبنا، ومنهم من قال إذا انقطع دمها واغتسلت حل وطؤها عن الشافعي، ومنهم من قال إذا كان حيضها عشرا فنفس انقطاع الدم يحللها للزوج وإن كان دون العشر فلا يحل وطؤها إلا بعد الغسل أو التيمم أو مضى وقت صلاة عليها عن أبي حنيفة.