المخالف عن أمير المؤمنين ع أنه قال: نسخ ذلك بهذه الآية. ولذلك قال ع لمن شهد لمسح الخفين " أقبل المائدة أم بعدها " عند عمر. فقالوا: لا ندري. فقال ع: كان قبل المائدة.
فصل:
وفي هذه الآية دلالة على أن الطهارة تفتقر إلى النية، سواء كانت وضوءا أو غسلا أو ما يقوم مقامهما من التيمم، وهو مذهب الشافعي أيضا. وقال أبو حنيفة: الطهارة بالماء لا تفتقر إلى النية والتيمم لا بد فيه من نية.
والدليل على صحة ما ذكرناه أن قوله: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا، تقديره أي فاغسلوا للصلاة، وإنما حذف ذكر الصلاة اختصارا. ومذهب العرب في ذلك واضح لأنهم إذا قالوا: إذا أردت لقاء الأمير فالبس ثيابك، تقديره فالبس ثيابك للقاء الأمير.
وإذا أمر بالغسل للصلاة فلا بد من النية، لأن بالنية يتوجه الفعل إلى الصلاة دون غيرها. وقوله ع " الأعمال بالنيات " يؤكده.
فصل:
وإذا صح بظاهر تلك الآية أن أفعال الوضوء الواجبة المقارنة له خمس: النية وغسل الوجه وغسل اليدين ومسح الرأس ومسح الرجلين. فاعلم أن في الآية أيضا دلالة على وجوب كيفياتها العشر المقارنة له بظاهرها ومن فحواها، ولولا النصوص المجمع على صحتها في وجوب هذه الواجبات وغيرها الموجبة علما وعملا، لما أوردنا هذه الاستدلالات التي ربما يقال لنا: أنها على أسلوب استخراجات الفقهاء إلا أنهم يرجمون رجما فيما طريقه العلم، ونحن بعد أن قبلناه علما بالإجماع من الفرقة المحقة الذي هو حجة نتجاذب أهداب تلك الاستدلالات، ونتشبث بها نضيف بذلك فضيلة إلى فضيلة، على أن أكثر ما نتبينه من أئمة الهدي ع.
ولعمري أن الله قد أغنى الخلق عن التعسف، وبين وفصل الشريعة على لسان