لا الضب.
قلنا: أولا أن العرب لم تتكلم به إلا ساكنا فقالوا " خرب " فإنهم لا يقفون إلا على الساكن، فلا يستشهد به. وبعد التسليم فإنه لا يجوز في الآية من وجوه:
أحدها: ما قال الزجاج أن الإعراب بالمجاورة لا يكون مع حرف العطف، وفي الآية حرف العطف الذي يوجب أن يكون حكم المعطوف حكم المعطوف عليه، وما ذكروه ليس فيه حرف العطف، فأما قول الشاعر:
فهل أنت إن ماتت أتانك راحل إلى آل بسطام بن قيس فخاطب قالوا: جر مع حرف العطف الذي هو الفاء، فإنه يمكن أن يكون أراد الرفع وإنما جر الراوي وهما، ويكون عطفا على راحل، فيكون قد أقوى لأن القصيدة مجرورة. وقال قوم:
أراد بذلك الأمر وإنما جر لإطلاق الشعر.
والثاني: إن الإعراب بالمجاورة إنما يجوز مع ارتفاع اللبس، فأما مع حصول اللبس فلا يجوز ولا يلتبس على أحد أن " خرب " صفة جحر لا ضب وليس كذلك في الآية لأن الأرجل يمكن أن تكون ممسوحة ومغسولة، فالاشتباه حاصل هنا ومرتفع هناك.
وأما قوله عز وجل: وحور عين، في قراءة من جرهما - فليس بمجرور على المجاورة، بل يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون عطفا على قوله: يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين... إلى قوله: وحور عين، فهو عطف على أكواب. وقولهم: أنه لا يطاف إلا بالكأس، غير مسلم بل لا يمتنع أن يطاف بالحور العين كما يطاف بالكأس، وقد ذكر في جملة ما يطاف به الفاكهة واللحم.
والثاني: أنه لما قال " أولئك المقربون في جنات النعيم، عطف بقوله " وحور عين " على " جنات النعيم "، فكأنه قال هم في جنات النعيم وفي مقاربة أو معاشرة حور عين - ذكره أبو علي الفارسي.
ومن قال القراءة بالجر يقتضي المسح على الخفين، فقوله باطل لأن الخف لا يسمى رجلا في لغة ولا شرع، والله أمر بإيقاع الفرض على ما يسمى رجلا على الحقيقة.