ولا يجوز المسح عندنا إلا على مقدم الرأس، وهو المروي عن ابن عمرو القاسم بن محمد والطبري، ولم يعتبره أحد من الفقهاء وقالوا: أي موضع مسح أجزأه.
وإنما اعتبرنا المسح ببعض (الرأس) فضلا على النص من آل محمد ع لدخول الباء الموجبة للتبعيض، لأن دخولها في الإثبات في الموضع الذي يتعدى الفعل فيه بنفسه لا وجه له غير التبعيض وإلا لكان لغوا، وحملها على الزيادة لا يجوز مع إمكانها على فائدة مجددة.
فإن قيل: يلزم على ذلك المسح ببعض الوجه في التيمم في قوله: فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه.
قلنا: كذلك نقول، فإن في التيمم يمسح الوجه من قصاص الشعر إلى طرف الأنف على ما نصوا عليه ع.
ومن غسل الرأس فإنه لا يجزئه عن المسح عندنا، وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا: يجزيه لأنه يشتمل عليه. وهذا غير صحيح لأن حد المسح شرعا هو إمرار العضو الذي فيه نداوة على العضو الممسوح من غير أن يجري عليه الماء، والغسل لا يكون إلا بجريان الماء عليه بعلاج وغير علاج، فمعناهما مختلف. ولو كانا واحدا لما ورد الأمر بهما واقتصر بقوله " فاغسلوا " ولم يقل بعده " وامسحوا ". وليس إذا دخل المسح في الغسل يسمى الغسل مسحا، كما أن العمامة لا تسمى خرقة وإن كانت تشتمل على خرق كثيرة.
وقال الشافعي: الأذنان ليستا من الوجه ولا من الرأس.
فصل:
وقوله " وأرجلكم " من قرأها بالجر عطفها على اللفظ وذهب إلى أنه يجب مسح الرجلين كما وجب مسح الرأس، ومن نصب فكمثل، لأنه ذهب إلى أنه معطوف على موضع الرؤوس، فإن موضعهما نصب لوقوع المسح عليهما، فالقراءتان جميعا تفيدان المسح على ما نذهب إليه.
وممن قال بالمسح ابن عباس والحسن البصري والجبائي والطبري وغيرهم. وعندنا