وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين، فأمر بأن يكونوا غاسلين وماسحين والظاهر يقتضي تولى الفعل حتى يستحق التسمية، لأن من وضأه غيره لا يسمى غاسلا وماسحا على الحقيقة، وأيضا فإن الحدث متيقن ولا يزول إلا بيقين، وإذا تولى تطهير أعضائه زال الحدث بيقين، وليس كذلك إذا تولاه له غيره.
مسألة:
ومما ظن انفراد الإمامية به القول: بأن النوم حدث ناقض للطهارة على اختلاف حالات النائم، وليس هذا مما انفردت به الإمامية، لأنه مذهب المزني صاحب الشافعي، وقد استقصينا هذه المسألة في الكلام على مسائل الخلاف ودللنا على صحتها بقوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة... الآية، وقد نقل أهل التفسير وأجمعوا على أن المراد إذا قمتم من النوم، والآية خرجت على سبب يقتضي ما ذكرناه فكأنه قال جل ثناؤه وإذا قمتم إلى الصلاة من النوم، وهذا الظاهر يوجب الوضوء من كل نوم، وإجماع الإمامية أيضا حجة في هذه المسألة. وقد عارضنا المخالف لنا فيها بما يروونه في كتبهم وأحاديثهم من قوله ص: العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ، واستوفينا ذلك بما لا طائل في ذكر جميعه هاهنا.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن المذي والوذي لا ينقضان الوضوء على كل حال.
لأن مالكا وإن ذهب إلى أنهما لا ينقضان الوضوء متى خرجا على وجه يخالف العادة فإنه يذهب إلى نقض الطهر بهما إذا كانا معتادين، والانفراد من الإمامية ثابت على كل حال.
ودليلهم على ذلك بعد إجماعهم عليه أن نقض الطهر حكم شرعي لا محالة لا يجوز إثباته إلا بدليل شرعي، ولا دليل على أنهما ينقضان الوضوء، والرجوع إلى أخبار الآحاد في ذلك غير مغن لأنا قد بينا في مواضع أن أخبار الآحاد لا يعمل عليها في الشريعة، ويمكن أن يحتج على المخالفين بما يروونه عن النبي ص من قوله: لا وضوء