القول الجديد: يستغفر الله ولا كفارة تلزمه.
وبذلك قال أبو حنيفة وأصحابه ومالك وربيعة والليث بن سعد، وحكى المزني عن محمد بن الحسن أنه قال: يتصدق بدينار أو نصف دينار. ودليلنا الاجماع المعتمد عليه في كل المسائل.
ومما يعارضون به ما يروونه عن ابن عباس عن النبي ص أنه قال: من أتى أهله وهي حائض فليتصدق بدينار أو نصف دينار، فليس لهم أن يحملوا ذلك على الاستحباب لأن ظاهر الأمر في الشرع يقتضي الوجوب ولأنهم لا يستحبون هذا المبلغ المخصوص لأجل هذا الوطء، وإنما يستحبون الصدقة على الإطلاق، والخبر يقتضي خلاف ذلك.
فإن قيل: الخبر الذي عارضتم به يقتضي التخيير بين دينار ونصف دينار.
قلنا: يحتمل أن يريد بدينار إن وطئ في أول الحيض، وبنصفه إن وطئ في وسطه، ويمكن أن يكون الوجه في ترتيب هذه الكفارة أن الواطئ في أول الحيض لا مشقة عليه من ترك الجماع لقرب عهده به فغلظت كفارته والواطئ في آخره مشقته شديدة لتطاول عهده فكفارته أنقص وكفارة الواطئ في نصف الحيض متوسطة بين الأمرين.
مسألة:
ومما يظن انفراد الإمامية به: القول بجواز أن يطأ الرجل زوجته إذا طهرت عن دم الحيض وإن لم تغتسل متى مست به الحاجة إليه ولم يفرقوا بين جواز ذلك في مضى أكثر الحيض أو أقله.
ووافق الشيعة في ذلك داود وقال بمثل قولها، وأبو حنيفة وأصحابه يجوزون له أن يطأها قبل أن تغتسل إذا انقطع دمها إن كان ذلك بعد مضى زمان أكثر الحيض، وإن كان في ما دون أكثر الحيض لم يجز له وطؤها إلا بأن تغتسل أو يمضى عليها وقت صلاة كاملة. وقال الشافعي: ليس له أن يطأها حتى تغتسل على كل حال.
دليلنا الاجماع المتقدم، وقوله تعالى: والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم