الأصابع. وفي خبر آخر: ويل للأعقاب من النار، فالكلام على ذلك أن جميع ما رووه أخبار آحاد لا توجب علما وأحسن أحوالها أن توجب الظن، ولا يجوز أن يرجع عن ظواهر الكتاب المعلومة بما يقتضي الظن.
وبعد فهذه الأخبار معارضة بأخبار مثلها تجري مجراها في ورودها من طريق المخالفين لنا وتوجد في كتبهم وفيما ينقلونه عن شيوخهم، ونترك ذكر ما ترويه الشيعة وتنفرد به في هذا الباب فإنه أكثر عددا من الرمل والحصى، ومتى عارضناهم بأخبارنا قالوا: لا نعرفها ولا رواها شيوخنا، فليت شعري كيف يلزمونا أن نترك بأخبارهم ظواهر الكتاب ونحن لا نعرفها ولا رواها شيوخنا ولا وجدت في كتبنا، ولا يجيزون لنا أن نعارض أخبارهم التي لا نعرفها بأخبارنا التي لا يعرفونها وهل هذا إلا محض التحكم؟
فمن أخبارهم ما يروونه عن النبي ص أنه بال على بساطة قوم قائما ومسح على قدميه ونعليه.
وروي عن ابن عباس أنه وصف وضوء رسول الله ص فمسح على رجليه. وقد روي عنه أنه قال: إن كتاب الله جل ثناؤه أتى بالمسح، ويأبى الناس إلا الغسل. وروي عنه أيضا: أنه قال: غسلتان ومسحتان. وروي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه قال: ما نزل القرآن إلا بالمسح.
والأخبار الواردة من طرقهم في هذا المعنى كثيرة وهي معارضة لأخبار الغسل ومسقطة لحكمها، وقد بينا في مسائل الخلاف الكلام على هذه الأخبار بيانا شافيا، وقلنا: إن قوله: ويل للأعقاب من النار، مجمل لا يدل على وجوب غسل الأعقاب في الطهارة الصغرى دون الكبرى، ويحتمل أنه وعيد على ترك غسل الأعقاب في الجنابة.
وقد روى قوم أن أجلاف العرب كانوا يبولون وهم قيام فيترشش البول على أعقابهم وأرجلهم فلا يغسلونها ويدخلون المسجد للصلاة، فكان ذلك سببا لهذا الوعيد.
وقلنا أيضا: أن الأمر باسباغ الوضوء وإحسانه لا يدل على وجوب غسل ولا مسح في الرجلين، وإنما يدل على الفعل الواجب من غير تقصير عنه ولا إخلال به، وقد علمنا أن هذا القول منه صلوات الله عليه غير مقتض لوجوب غسل الرأس بدلا من مسحه، بل