جئني بمثل بني بدر لقومهم أو مثل إخوة منظور بن سيار ولما كان معنى جئني هات وأعطني واحضرني مثلهم جاز العطف بالنصب على المعنى وهذا أبعد مما قلناه في الآية وبينا أن نصب الأرجل عطف على الموضع أولى من عطفها على الأيدي والوجوه لأن جعل التأثر في الكلام القريب أولى من جعله للبعيد، ولأن الجملة الأولى المأمور فيها بالغسل قد نقضت وبطل حكمها باستئناف الجملة الثانية، ولا يجوز بعد انقطاع حكم الجملة الأولى أن يعطف عليها، ويجري ذلك مجرى قولهم: ضربت زيدا وعمرا وأكرمت خالدا وبكرا، أن رد بكرا في الإكرام إلى خالد فهو وجه الكلام الذي لا يجوز غيره ولا يسوع رده إلى الضرب الذي قد انقطع حكمه على أن ذلك لو جاز لرجح ما ذكرناه لتطابق معنى القرابتين ولا يتنافيان، وتحديد طهارة الرجلين لا يدل على الغسل كما ظنه بعضهم، وذلك لأن المسح فعل أوجبته الشريعة كالغسل فلا يمكن تحديده كتحديد الغسل ولو صرح تعالى فقال: وامسحوا أرجلكم وانتهوا بالمسح إلى الكعبين، لم يك منكرا.
فإن قالوا: تحديد اليدين لما اقتضى الغسل، فكذلك وجب تحديد طهارة الرجلين تقتضي ذلك.
قلنا: لم توجب في اليدين الغسل للتحديد بل للتصريح بغسلهما وليس كذلك في الرجلين، فقولهم: عطف المحدود على المحدود أولى وأشبه بترتيب الكلام قلنا: ليس بمعتد لأن الأيدي معطوفة وهي محدودة على الوجوه وليست في الآية محدودة وإلا جاز عطف الأرجل وهي محدودة على الرؤوس التي ليست بمحدودة، وهذا الذي ذهبنا إليه أشبه بالترتيب في الكلام، لأن الآية تضمنت ذكر عضو مغسول غير محدود وهو الوجه وعطف عليه مغسولا محدودا وهما اليدان ثم استأنف ذكر عضو ممسوح غير محدود وهو الرأس فيجب أن تكون الأرجل ممسوحة وهي محدودة ومعطوفة عليه دون غيره ليتقابل الجملتان في عطف مغسول محدود على مغسول غير محدود، وفي عطف ممسوح محدود على ممسوح غير محدود، فإن عارضونا بما يروونه من الأخبار التي يقتضي ظاهرها غسل الرجلين كروايتهم عن النبي ص أنه توضأ مرة مرة وغسل رجليه وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به.
وفي خبر آخر: أحسنوا الوضوء وأسبغوا الوضوء. وفي خبر آخر: أنه أمر بالتخليل بين