يكونوا أعربوا بالمجاورة في موضع من المواضع وقالوا: الجر في جحر ضب خرب على أنهم أرادوا خرب جحره، وكبير أناس في بجاد مزمل كبيره، ويجري ذلك مجرى مررت برجل حسن وجهه.
وقد بينا أيضا في مسائل الخلاف بطلان قول من ادعى أن الغسل الخفيف يسمى مسحا.
وحكي ذلك عن أبي زيد الأنصاري من وجوه كثيرة أقواها أن فائدة اللفظين في الشريعة مختلفة وفي اللغة أيضا، وقد فرق الله تعالى في آية الطهارة بين الأعضاء المغسولة والممسوحة، وفصل أهل الشرع بين الأمرين فلو كانتا متداخلتين لما كان كذلك، وحقيقة الغسل يوجب جريان الماء على العضو وحقيقة المسح يقتضي إمرار الماء من غير جريان، فالتنافي بين الحقيقتين ظاهر لأنه من المحال أن يكون الماء جاريا وسائلا وغير جار ولا سائل في حالة واحدة. وقد بينا في مواضع كثيرة من كلامنا أن المسح يقتضي إمرار قدر من الماء بغير زيادة عليه فلا يدخل أبدا في الغسل.
ومن أقوى ما أبطل هذه الشبهة أن الأرجل إذا كانت معطوفة على الرؤوس كانت الرؤوس بلا خلاف فرضها المسح الذي ليس بغسل على وجه من الوجوه فيجب أن يكون حكم الأرجل كذلك، لأن العطف مقتض للمسح وكيفيته، وقد بينا أيضا في مسائل الخلاف أن القراءة في الأرجل بالنصب لا يقدح في مذهبنا وأنها توجب بظاهرها المسح في الرجلين كإيجاب القراءة بالجر بظاهرها، لأن موضع برؤوسكم موضع نصب بإيقاع الفعل وهو قوله تعالى: وامسحوا برؤوسكم، وإنما جرت الرؤوس بالباء الزائدة فإذا نصبنا الأرجل فعلى الموضع لا على اللفظة، وأمثلة ذلك في الكلام العربي أكثر من أن تحصى يقولون: لست بقائم ولا قاعد، وأنشدوا:
معاوي إننا بشر فاسجح فلسنا بالجبال ولا الحديدا فنصبت على الموضع، ونظيره أن زيدا في الدار وعمرو فيرفع عمرو على موضع أن وما عملت فيه لأن ذلك موضع رفع، ومثله مررت بزيد وعمرا وذهبت إلى خالد وبكرا.
وقال الشاعر: