غسلات وإن أوجبوها فإنهم لا يجعلون الثلاث والخمس واجبتان، ويجعلونه متخيرا بينهن وبين السبع بل يوجبون السبع دون ما عداها فلم يبق إلا القسم الثاني وهو مذهبنا.
فإذا قيل: كيف يقع التخيير بين واجب وندب؟
قلنا: لم يخير بين واجب وندب لأن الثلاث تدخل في الخمس والسبع، وإنما وقع التخيير بين الاقتصار على الواجب وهو الثلاث، وبين فعله والزيادة عليه.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول بنجاسة سؤر اليهودي والنصراني وكل كافر وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
وحكى الطحاوي عن مالك في سؤر النصراني والمشرك أنه لا يتوضأ به ووجدت المحصلين من أصحاب مالك يقولون: إن ذلك على سبيل الكراهية لا التحريم لأجل استحلالهم الخمر والخنزير وليس بمقطوع على نجاسته، فكان الإمامية منفردة بهذا المذهب، ويدل على صحة ذلك مضافا إلى إجماع الشيعة عليه قوله تعالى: إنما المشركون نجس.
فإذا قيل: لعل المراد به نجاسة الحكم لا نجاسة العين، قلنا: نحمله على الأمرين لأنه لا مانع من ذلك. وبعد فإن حقيقة هذه اللفظ تقتضي نجاسة العين في الشريعة وإنما يحمل على الحكم تشبيها ومجازا والحقيقة أولى باللفظ من المجاز.
فإن قيل: فقد قال الله تعالى: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم، وهو عموم في جميع ما شربوا وعالجوه بأيديهم.
قلنا: يجب تخصيص هذا الظاهر بالدلالة على نجاستهم، وتحمل هذه الآية على أن المراد بها طعامهم الذي هو الحبوب وما يملكونه دون ما هو سؤر أو ما عالجوه بأجسامهم، على أن في طعام أهل الكتاب ما يغلب على الظن أن فيه خمرا أو لحم خنزير ولا بد من اخراجه مع هذا الظاهر، وإذا أخرجناه من هذا الظاهر لأجل النجاسة وكان سؤرهم على ما بيناه نجسا أخرجناه أيضا من الظاهر.