ولا تجيز فيه فالانفراد حاصل.
والذي يدل على صحة هذا المذهب مضافا إلى طريقة الاجماع أن ظاهر الأمر بحكم عرف الشرع يقتضي الوجوب والفور إلا أن يقوم دليل شرعي، ومن طهر يده فهو مأمور على الفور بتطهير رأسه فإذا جدد تناول الماء فقد ترك زمانا كان يمكن أن يطهر العضو فيه والفور يوجب عليه خلاف ذلك، فبظاهر الآية على ما ترى يجب أن يمسح ببلة يده رأسه ولا يلزم ذلك في اليدين مع الوجه، لأن المفروض في اليدين الغسل ولا يمكن ذلك ببلة اليد من تطهير الوجه، والفرض في الرأس هو المسح وذلك يتأتى ببلة تطهير اليدين، ولو لم يكن هذا الفرق ثابتا جاز أن يخرج ماء اليدين بدليل ليس بثابت في الرأس.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن مسح الأذنين أو غسلهما غير واجب ولا مسنون وأنه بدعة. وباقي الفقهاء على خلاف ذلك، وهذه المسألة أيضا مما تكلمنا عليه في مسائل الخلاف واستوفيناه، وحجتنا فيها هو الاجماع الذي تقدم ذكره، ويمكن أن يقال من المعلوم أنه إذا ترك المسح للأذنين فليس بعاص ولا مبدع عند أحد من الأمة، ومتى مسحهما كان عند الشيعة مبدعا عاصيا، والأحوط هجر ما يخاف المعصية في فعله ولا يخاف التبعة في تركه.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بوجوب مسح الرجلين على طريق التضييق ومن غير تخيير بين الغسل والمسح على ما ذهب إليه الحسن البصري ومحمد بن جرير الطبري وأبو علي الجبائي، وكان إيجاب المسح تضييقا من غير بدل يقوم مقامه هو الذي انفردت به الإمامية في هذه الأزمنة لأنه قد روي القول بالمسح عن جماعة من الصحابة والتابعين كابن عباس رضي الله عنه وعكرمة وأنس وأبي العالية والشعبي وغيرهم، وهذه المسألة مما استقصينا الكلام عليها في مسائل الخلاف وبلغنا فيها أقصى الغايات فانتهينا في تفريع الكلام وتشعيبه إلى ما لا يوجد في شئ من الكتب غير إنا لا نخلي هذا الموضع من جملة كافية.