والوجه الثاني: أنه تعالى أطلق عليه اسم التطهير، والتطهير لا يطلق في الشرع إلا لإزالة النجاسة أو غسل الأعضاء الأربعة.
واحتججنا عليهم أيضا بما يروونه عن عمار بن ياسر رحمه الله تعالى أن النبي ص قال: إنما يغسل الثوب من البول والدم والمني، وهذا يقتضي وجوب غسله وما يجب غسله لا يكون إلا نجسا، والحجة الكبرى في نجاسته ووجوب غسله إجماع الإمامية على ذلك.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن البول خاصة لا يجزئ فيه الاستجمار بالحجر ولا بد من غسله بالماء مع وجوده. ولا يجري عندهم مجرى الغائط في جواز الاقتصار على الحجر، وليس هذا بمذهب لأحد من الفقهاء لأن من يوجب الاستنجاء منهم لا يفرق بين البول والغائط في جواز الاقتصار فيه على الحجر، ومن يسقط وجوب الاستنجاء كأبي حنيفة يسقطه في الأمرين، وينبغي أن يكون الإمامية بهذا التفرد إلى جانب المدح أقرب منها إلى جانب العيب لأن قولها الذي انفردت به أشبه بالتنزه عن النجاسة وأولى في إزالتها والعيب إلى من لا يوجب الاستنجاء جملة، وجوز أن يصلى المصلي وعين النجاسة على بدنه متوجه أقرب.
وحجة الشيعة على مذهبها هو ما تقدم ذكره من إجماعها عليه وتظاهر الآثار في رواياتهم به.
ويمكن أن يكون الوجه في الفرق بين نجاسة البول ونجاسة الغائط أن الغائط قد لا يتعد المخرج إذا كان يابسا ويتعداه إذا كان بخلاف هذه الصفة، ولا خلاف في أن الغائط متى تعدى المخرج فلا بد من غسله بالماء، والبول لأنه مائع جار لا بد من تعديه المخرج وهو في وجوب تعديه أبلغ من دقيق الغائط فوجب فيه ما وجب فيما تعدى المخرج من مائع الغائط ولا خلاف في وجوب غسل ذلك.