سفره ثمانية: أربعة منها مصروفة في البعد من الحضر، والبقية مصروفة في الرجوع إليه.
فمحط نظر أخبار التلفيق هو صورة عزم المسافر على مسافة لا يكون جميعها مصروفة في البعد من الحضر، كما في الثمانية الممتدة، بل يكون بعضها مبعدا له عن الحضر وبعضها الآخر مقربا له إلى هذا الحضر بعينه.
وأما إذا كان عازما على مسافة لا تكون كذلك، بل تكون بحيث يصير المسافر بسبب الشروع في طيها خارجا من الحضر ويخرج الحضر أيضا من كونه حضرا بصرف الخروج منه بحيث لا يعد الرجوع إليه بعد الخروج منه رجوعا إلى الحضر بل يصير نسبته إلى هذا المسافر كنسبة سائر البلدان المتوسطة بين الحضرين، فهذا النحو من المسافة ليست ملتئمة من الذهاب من الحضر والإياب إليه بنفسه، بل تكون ممتدة واقعة بين حضرين، فلا تشملها أخبار الذهاب والإياب، بل تكون من مصاديق المسافة الامتدادية. بداهة أن السفر في الصورة المفروضة كله ذهاب واقع بين حضرين، ولا يخفى أن المقام من هذا القبيل.
فإذا عزم الإنسان على أن يخرج من وطنه إلى مقصد ثم يرجع إليه كان سفره هذا ملتئما من الذهاب والإياب ومشمولا لأخبار التلفيق واعتبر فيه مضافا إلى كون المجموع ثمانية كون الذهاب بنفسه أربعة.
وأما إذا خرج من وطنه معرضا عنه بحيث خرج من الوطنية بصرف الخروج منه، أو خرج من محل إقامته الذي يخرج قهرا من كونه حضرا بصرف الخروج منه كان عازما على المسافرة إلى مقصد لا يعزم أن يقيم فيه ثم المسافرة منه إلى وطن آخر أو محل آخر يعزم على الإقامة فيه - غاية الأمر أن سفره هذا يكون بحيث يوجب المرور إلى الوطن الذي أعرض عنه أو محل الإقامة الذي خرج قهرا من كونه حضرا بصرف الخروج منه - فهذا الشخص يكون عازما على الخروج من حضر إلى حضر آخر، وجميع مسافته مسافة ذهابية واقعة بين حضرين، فلا يكون سفره هذا تلفيقيا مشمولا لأخبار التلفيق، بل يكون مشمولا للأخبار التي تدل على ثبوت